الفصل الثالث
نبوءة الرسول الأعظم (ص)؛
إن من أعظم مصاديق نبوءة الرسول (ص)؛ هو إخباره عما كشفه الله له من أمور الغيب، لذلك ترى القرآن يزخر بذلك النمط من الآيات في كشف بعض أمور الغيب بشكل إجمالي وأحياناً بشكل تفصيلي.
كما أن الرسول (ص)؛ قد تحدّث لأمته عن كثير مما سيحدث لها ومما ستلاقيه في المستقبل، وكتب الحديث تزخر بهذا النمط من الأحاديث.
ولو تتبعنا الأحاديث الواردة في هذا الشأن فإننا نجد ثلاثة أنماط من الأحاديث التي تدعو للتأمل، وعلى الأخص بعد عرضها على واقع ومسار الحركة السلفية الوهابية وما أفرزته من حركات كألقاعدة وداعش وغيرها من الحركات السلفية بشكل خاص، وأهل نجد بشكل عام.
أما هذه الأصناف الثلاثة فهي:
الصنف الأول: الأحاديث الواردة بحق قوم في آخر الزمان
أ ـ أخرج البخاري في كتاب (المناقب) في حديث رقم 3611، في باب علامات النبوة (سيخرج قوم في آخر الزمان حداث الأسنان سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة).
ب ـ وورد في (صحيح) مسلم في كتاب (الزكاة) حديث رقم 1606، في باب التحريض على قتال الخوارج، الجزء الثاني، ص 748 (يخرج قوم من أمتي يقرأون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء، يقرأون القرآن يحسبونه أنه لهم وهو عليهم لا تجاوز قراءتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لو يعلم الجيش الذي يصيبونهم ما قضى لهم على لسان نبيهم لاتكلوا على العمل)، وأخرج هذا الحديث أبو داوود في كتاب السنة في باب التحريض على قتل الخوارج، حديث (رقم 4768).
ج ـ وورد في صحيح الترمذي في أبواب الفتن، الجزء التاسع، ص 37، في باب صفة المارقة عن ابن مسعود قال: قال رسول الله r (يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يقولون من قول خير البرية يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية).
د ـ وورد في (مسند) الإمام أحمد بن حنبل في الفتح الرباني في باب ذكر الخوارج في الجزء 24 صفحة 19، عن سويد بن غفلة قال: قال علي t إذا حدثتكم عن رسول الله r حديثاً لئن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم عن غيره فإنما أنا رجل محارب والحرب خدعة، سمعت رسول الله r يقول: (يخرج في آخر الزمان أقوام أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن قتلهم أجر لمن قتلهم عند الله يوم القيامة).
هـ ـ وورد في (كنز العمال)، حديث رقم 30949 عن الرسول r قال: (سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة) للاطلاع على المزيد من الأحاديث المشابهة راجع الهامش(1).
الصنف الثاني: الأحاديث الواردة بحق قوم يقطنون شرق المدينة بشكل عام… وبحق أهل نجد بشكل خاص
أ ـ أخرج البخاري في كتاب الفتن عن ابن عمر حديث رقم 6716 قال: (ذكر النبي (ص)؛: اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا يا رسول الله وفي نجدنا، فأظنه قال في الثالثة: هنالك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان).
ب ـ وروى مسلم في صحيحه عن ابن عمر حديث رقم 5302، يقول: (سمعت رسول الله (ص)؛ يشير بيده نحو المشرق ويقول: ها إن الفتنة ها هنا، ها إن الفتنة ها هنا ثلاثاً حيث يطلع قرن الشيطان).
ج ـ وأخرج أحمد بن حنبل في مسنده، الجزء الثاني، ص118، عن ابن عمر أن النبي (ص)؛ قال: (اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك في يمننا، قالوا: وفي نجدنا، قال: اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا في نجدنا، قال: هنالك الزلازل والفتن، منها، أو بها، يطلع قرن الشيطان). وورد في المسند أيضاً حديث رقم 6723، كما أخرج نعيم بن حماد في الفتن حديث رقم 1496 عن عبد الله بن عمرو: (سيخرج أناس من أمتي من قبل المشرق يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم كلما خرج منهم قرن قطع كلما خرج منهم قرن قطع حتى عدها زيادة على عشرة مرات، كلما خرج منهم قرن قطع حتى يخرج الدجّال في بقيتهم).
ج ـ أخرج الترمذي في (المناقب) وأخرج أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمر، حديث رقم 4552، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفتن، واشراط الساعة، حديث رقم 5301: (قال النبي (ص)؛ وهو مستقبل المشرق يقول: رأس الكفر من ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان).
د ـ أخرج ابن ماجة في سننه، حديث رقم 173، عن ابن عمر عن رسول الله (ص)؛: (ينشأ نشأ يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم كلما خرج قرن قطع، قال ابن عمر سمعت رسول الله (ص)؛ كلما خرج قرن قطع أكثر من عشرين مرة حتى يخرج في عراضهم الدجّال). كما أخرج الحاكم في المستدرك عن ابن عمرو أيضاً، حديث رقم 8635، أنه سمع رسول الله (ص)؛: (سيخرج أناس من أمتي من قبل المشرق يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم كلما خرج منهم قرن قطع حتى يخرج الدجّال في بقيتهم). وأخرج الحاكم أيضاً في المستدرك، الجزء الثاني، ص 147 قال (ص)؛: (يخرج من قبل المشرق قوم كان هديهم هكذا يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق كمرق السهم من الرمية ثم لا يرجعون إليه، ووضع يده على صدره، سيماهم التحليق، لا يزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم فإذا رأيتموهم فاقتلوهم).
هـ ـ أخرج مسلم في صحيحه، حديث رقم 52 قوله (ص)؛: (رأس الكفر نحو المشرق) وفي رواية (الإيمان يمان والكفر من قبل المشرق)، وفي رواية (غلظ القلوب والجفاء في المشرق والإيمان في أهل الحجاز).
و ـ أخرج مالك في (الموطأ) الجزء الثاني، ص 975 عن ابن عمر: (رأيت رسول الله (ص)؛ يشير إلى الشرق ويقول ها إن الفتن ها هنا إن الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان)، وفي رواية (يشير الرسول إلى المشرق ويقول ها هنا يطلع قرن الشيطان كلما قطع منه قرن نجم قرن).
ز ـ وورد في (مسند الشاميين) للطبراني، حديث 2694، عن عبد الله بن عمرو بن العاص: قال: سمعت رسول الله (ص)؛ يقول: (وشر أقوام بالمشرق كلما نشأ قرن قطع قرن حتى يخرج في أعراضهم الدجّال).
ح ـ وورد في (مسند الطيالسي) حديث رقم 2397، عن عبد الله بن عمرو بن العاص y قال لقد سمعت رسول الله (ص)؛ يقول: (يخرج ناس من قبل المشرق يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم كلما قطع قرن نشأ قرن كلما قطع قرن نشأ قرن كلما قطع قرن نشأ قرن ثم يخرج في بقيتهم الدجّال). للاطلاع على المزيد من الأحاديث المشابهة راجع الهامش(2).
الصنف الثالث: الأحاديث الواردة بحق ذي الخويصرة التميمي
…فقد ورد هذا الحديث بعدة طرق عن حادثة واحدة ولكن بلفظين… الأول يذكر الواقعة مع الاسم (أي ذي الخويصرة التميمي) والثاني حيث يذكر الواقعة وصفة الشخص من دون ذكر الاسم مع اختلاف بسيط في اللفظ.
حيث أخرجه البخاري ومسلم وأبو داوود والنسائي وابن حبان والبيهقي وآخرون عن أبي سعيد الخدري وعن عبد الله بن عمرو بن العاص وعن محمد بن علي بن حسين وعن عبد الله بن أبي نجيح وعن أبي بزرة الأسلمي.
(يمكن مراجعة اللفظ الأول للحديث في الهامش رقم (3) واللفظ الثاني للحديث بالتفصيل أيضاً في الهامش رقم (4))، وقد أخذنا أدناه باللفظ الثاني للحديث مع ذكر الاسم (بينما نحن عند رسول (ص)؛ وهو يقسم قسماً أتاه ذو الخويصرة، وهو رجل من تميم، غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناتئ الجبين، كث اللحية محلوق، قال اتق الله يا محمد فقال: فمن يطع الله إن عصيته أنا؟ أيأمنني أهل السماء ولا تأمنوني، فاستأذنه عمر، رحمه الله في قتله، وفي الوجه الآخر، خالد بن الوليد، فمنعه، فلما ولى قال: إن من ضئضئ هذا قوماً، وفي لفظ آخر، يخرج في آخر الزمان قوم كان هذا منهم، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، سيماهم التحليق، لايزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم مع المسيح الدجّال، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، هم شرّ الخلق والخليقة، وفي لفظ آخر، والله لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد).
وقد أخرجه البخاري في الصحيح عن محمد بن كثير، وأخرجه مسلم من وجه آخر عن سعيد بن مسروق، والوجه الآخر رواه البخاري أيضاً في الصحيح عن أبي اليمان وأخرجاه من أوجه أخرى عن أبي سلمه والضحاك والهمداني عن أبي سعيد.
وقد أثبت ابن شبه المتوفى سنه 262 هجرية في كتابه (تاريخ المدينة المنورة) الذي ذكر الحادثة من دون الاسم أن المتحدث هو من بني تميم حيث أورد الحديث في باب (وفد بني تميم، ص 533 /541 الجزء الثاني/ دار التراث، بيروت).
وقد أثبت ارتباط هذين الحديثين أيضاً، الحافظ الإمام جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي البغدادي المتوفى سنة 597 في كتابه (تلبيس إبليس).
العناصر الأساسية في الأصناف الثلاثة من الأحاديث
ونستطيع أن نثبت العناصر المشتركة والأساسية في الأحاديث الآنفة الذكر:
1 ـ سيكون هؤلاء القوم في آخر الزمان.
2 ـ يقولون من قول خير البرية ولكن لا يجاوز إيمانهم تراقيهم، يحسنون القيل ويسيئون الفعل.
3 ـ يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا تجاوز قراءتهم حناجرهم يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء.
4 ـ ليست صلاتكم إلى صلاتهم بشيء، يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم وصلاتهم أكثر من صلاتكم.
5 ـ سيماهم التحليق.
6 ـ يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، ثم لا يرجعون إليه، هم شر الخلق.
7 ـ حداث الأسنان سفهاء الأحلام.
8 ـ رفض الرسول (ص)؛ أن يبارك لأهل نجد كمباركته لأهل اليمن والشام والحجاز وإشارته إلى شرق المدينة وقوله (ص)؛ إن الفتن والزلازل ورأس الكفر في المشرق وفي نجد وإنهم غلظ القلوب والجفاء.
9 ـ في نجد يطلع قرن الشيطان، كلما قطع منه قرن نجم قرن حتى يطلع الدجّال في بقيتهم.
10 ـ إن هذه الفئة من بني تميم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم.
11 ـ يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان.
12 ـ إذا رأيتموهم أو إذا خرجوا فاقتلوهم فطوبى لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه وإن أدركهم الرسول r لقتلهم قتل عاد أو قتل ثمود.
وهكذا فإننا نجد أن هناك ثلاثة أصناف من الأحاديث يمكن ربطها بالحركة السلفية الوهابية. ولكن لا يمكننا أن نزعم ذلك قبل حل عدة إشكالات واعتراضات قد تنفي مثل هذا الاحتمال أو هذه الإمكانية. وهذا ما سنتناوله بالتفصيل في بحثنا أدناه.
الاعتراض الأول هو أن هذه الأحاديث واردة بحق الخوارج
والخوارج فئة معروفة منذ أول التاريخ الإسلامي بمروقها من الدين. وهناك أحاديث واضحة جداً في تعريف الخوارج بهذه الصفات وعلى الأخص في إخبار الرسول (ص)؛ لعلي t بأنه سيقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين. وقد أجمع الرواة والمفسرون على أن هؤلاء المارقين هم الخوارج المعروفون بقتالهم لعلي t وقتلهم له. ومما يزيد التأكيد في أن هذه الأحاديث واردة بحق الخوارج هو ذكرها في كتب الحديث من الصحاح وغيرها تحت باب الخوارج. وقبل مناقشة هذه الاعتراضات نحب أن نتطرّق إلى التشابه بين الخوارج والسلفيين الوهابيين.
1 ـ شعار الخوارج (لا حكم إلا لله) وهي كلمة حق يراد بها باطل، وشعار السلفيين الوهابيين (لا دعاء إلا لله)، وهي كلمات حق يراد بها باطل في تكفير المسلمين واتهامهم بالشرك.
2 ـ الخوارج متصلبون في الدين متورعون حتى عن التقاط تمرة من الطريق، وكذلك الوهابيون السلفيون في تصلبهم وورعهم حتى عن استعمال التلغراف في الماضي والسروال الذي يلامس الحذاء في الحاضر.
3 ـ الخوارج كفّروا المسلمين واستحلّوا دماءهم وأموالهم وكذلك هم السلفيون الوهابيون.
4 ـ الخوارج استندوا في شبهتهم إلى ظواهر بعض الآيات والأدلة التي زعموا فيها أن مرتكب الكبيرة كافر كاستناد الوهابيين السلفيين إلى ظواهر بعض الآيات التي زعموا فيها أن طالب الشفاعة من الأنبياء والرسل مشرك.
5 ـ الخوارج لا يبالون بالموت لأنهم بزعمهم ذاهبون إلى الجنة وكذلك يزعم السلفيون اليوم عند قيامهم بالعمليات الانتحارية.
6 ـ إن الخوارج يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان وكذلك فإن أكثر قتلى السلفيين هم من المسلمين.
ونعود مرة أخرى إلى الاعتراض في انطباق هذه الأحاديث على الخوارج. والحقيقة أننا لو راجعنا هذا الصنف من الأحاديث فسنجد أن هذه الأحاديث يمكن تصنيفها إلى ثلاثة أصناف:
1 ـ الصنف الأول يذكر وبشكل صريح وجلي أن هؤلاء المارقين هم الخوارج الذين قاتلوا علياً t واستمرت شوكتهم وأفكارهم خلال الدولة الأموية. ولا تزال آثارهم باقية حتى يومنا هذا في شمال أفريقيا وفي جنوب شرق الجزيرة العربية. ومن هذه الأحاديث حديث (تكون أمتي فرقتين وتخرج بينهما مارقة، يلي قتلهم أولى الطائفتين بالحق)، عن صحيح مسلم. وورد عن علي t في (كنز العمال)، حديث رقم 31553 (أمرت بقتال ثلاثة: القاسطين والناكثين والمارقين، فأما القاسطون فأهل الشام، وأما الناكثون فذكرهم، وأما المارقون فأهل النهروان، يعني الحرورية).
2 ـ الصنف الثاني يتطّرق إلى صفات الخوارج بشكل عام من دون تحديد. وهذه الأحاديث يمكن أن تنطبق على الخوارج أو على غيرهم أو تنطبق عليهم وعلى غيرهم في آن واحد. ومن أمثلة هذه الأحاديث ما روي عن أنس (أشهد أني سمعت رسول الله (ص)؛ يقول: إن قوماً يتعمقون في الدين يمرقون منه كما يمرق السهم في الرمية) (كنز العمال، 31234).
3 ـ أما الصنف الثالث فإنه يتطرق إلى فئة أخرى، وهذه الفئة هي بالتأكيد ليست فئة الخوارج المعروفة في التاريخ، لأن هذه الأحاديث تعرفهم بصفة زمانية لا يمكن أن تنطبق بأي حال على الخوارج. فهناك جملة من الأحاديث تتطرق إلى قوم (في آخر الزمان)، وهذا التعريف بحد ذاته يتناقض تناقضاً كاملاً مع تعريف الخوارج. فالخوارج بالنسبة إلى الرسول (ص)؛ كانوا في أول الزمان، فكان ظهورهم في زمن الخليفة الرابع، وكان كثير منهم معاصراً للرسول (ص)؛، لذلك لا يمكن أن يكون هؤلاء هم المقصودين في حديث الرسول r (سيخرج في آخر الزمان قوم…) بل المقصود من حديث الرسول (ص)؛ هم قوم آخرون من غير الخوارج سيخرجون في آخر الزمان.
الاعتراض الثاني هو احتمال ضعف هذه الأحاديث وعدم صحتها بل ووضعها:
أما الاعتراض الثاني في ربط هذه الأحاديث بالحركة الوهابية فهو في التشكيك بصحة هذه الأحاديث. فربما تكون كلمة (سيخرج في آخر الزمان) موضوعة أو مضافة إلى الحديث، بل ربما يكون الحديث كله موضوعاً وغير صحيح. وهذا الاعتراض ضعيف جداً بل هو مردود، فإن من الملاحظ أن هذه الأحاديث هي ليست بالأحاديث المفردة، بل هي من الأحاديث المتواترة رويت عن طريق الكثير من الصحابة العدول الذين لا يمكن اجتماعهم على الكذب على رسول الله (ص)؛، كما رويت عن هؤلاء الصحابة بطرق متواترة من الرواة الثقات والمحدثين. وفي حقيقة الأمر إن هذا الحديث هو من الأحاديث النادرة التي أجمعت عليها كافة كتب الصحاح والمسانيد والسنن وأثبت صحتها علماء المسلمين على كافة مراحل التأريخ. فنحن يكفينا بدرجة عالية من اليقين للقول بصحة الحديث إذا اجتمع عليه البخاري ومسلم، فكيف إذا اجتمع عليه وزاد عليهم العشرات من أصحاب كتب الحديث الأخرى. فضلاً عن كل ذلك، فإن هذه الأحاديث قد دوّنت في القرنين الثاني والثالث الهجريين، حيث لم يكن في ذلك الوقت أي توقع عن مستقبل العالم، بل لم يكن الجد العاشر لمحمد عبد الوهاب مولوداً في ذلك الحين، لذلك فمن المستحيل أن تكون تلك الأحاديث قد وضعت للنيل من الحركة السلفية الوهابية التي ظهرت بعد ما يقارب التسعمائة سنة من تدوين هذه الأحاديث.