الفساد وحكام العراق الجدد
التغيير الجذري للعملية السياسية على اثر انتفاضة تشرين

للأسف لم تستطع اغلب الطبقة السياسية تقبل حقيقة انهم مرفوضون من قبل الشعب، وللأسف لم يفهموا حينما لم يصوت في الانتخابات الاخيرة اكثر من 19٪ من المواطنين المؤهلين للتصويت انهم لا يمثلون اغلبية الشعب، بل تمادوا في الامر وقاموا بحملة من التزوير افقدتهم الكثير من شرعيتهم؛ واستطيع هنا ان اقول بكل ثقة ان هذا البرلمان لا يبلغ تمثيله الحقيقي ل 15٪ من الشعب العراقي بل اقل من ذلك.
الغريب في الامر ان هذه الفئة السياسية الحاكمة اخذوا ينشروا صوراً ويدعوا ان هذه التظاهرات ليست بتظاهرات مليونيه بل بضعة مئات من الناس خرجوا في ساحة التحرير، نعم انها ليست مليونيه ولكن العدد الحقيقي لهذه التظاهرات هو 81٪ من الشعب العراق الذين لم يصوتوا في الانتخابات الاخيرة، لذلك فالمشاركون الحقيقيون في هذه التظاهرات هم بالملايين حتى وإن بقوا في بيوتهم ولم يخرجوا الى الشارع، إن لم يفهم السياسيون هذه الحقيقة فالمستقبل الذي ينتظر البلد خطير وخطير جداً.
وللحقيقة اقول فقد وجدت اكثر الناس تفهماً لهذا الواقع الدكتور حيدر العبادي حيث قال لي في لقاء قبل بضعة ايام (إن هذه الطبقة السياسية لا تفقه ما يحدث في الشارع، واني اعتقد لو انهم استمروا على نهجهم فإني لا استبعد ان يأتي اليوم الذي يقتحم فيه هؤلاء المتظاهرون المنطقة الخضراء ويعلقوا اجساد السياسيين كما علقوا جسد هذا الطفل البريء في ساحة الوثبة) انه طفل بريء وفعلوا به هذا الفعل لصعوبة السيطرة على مشاعر الغضب لهذه التظاهرات العارمة، فكيف سيكون رد فعلهم لو اطلق لهم العنان في المنطقة الخضراء .
اني هنا اكرر انه لا يمكن الخروج من هذه الازمة إلا باشراك المواطن ضمن برنامج واقعي ليلعب دوره الفاعل في مراقبة ومحاسبة الحكومة على أدائها، لأن البرلمان اصبح دوره شبه معطل لما ذكر سابقاً فضلاً عن مشاركة الكثير من اعضائه في عمليات الفساد بالاتفاق مع بعض الوزراء والكثير من الكادر الحكومي الفاسد في المواقع المتقدمة، ونتيجة لهذا الخلل قامت هذه التظاهرات مطالبةً بإعطاء المواطن دوره الحقيقي في مراقبة ومحاسبة الحكومة على ادائها فضلاً عن اعتراض الشعب على الاساس الذي تشكل فيه مجلس النواب، لذلك تم تشريع قانون انتخابات جديد يلبي بعضاً من مطالب الشعب ويوفر الآلية لتشكيل مجلس نواب اكثر تمثيلاً للشعب، ومن هنا يمكن ان تبدأ عملية الاصلاح.
إنني في طرحي الذي اكرره هنا بالنسبة للحكومة الجديدة وما يبتغى تحقيقه خلال السنة الانتقالية بالإضافة إلى وضع مخطط لسياسة شاملة تحت مبدأ كيف يجب ان يكون العراق عام 2030 على كافة المستويات، يجب تثبيت اسس المراقبة والمحاسبة الشعبية على الاداء الحكومي لكي تبقى منهجاً مستمراً للمستقبل لتثبيت اسس الديمقراطية للنظام العراقي الجديد بعد انتفاضة تشرين 2019؛ لا ينكر ان الوضع صعب وصعب جداً بعد سبعة عشر سنة من سياسات بائسة وغير مدروسة وافتقار للتخطيط الصحيح مع استشراء الفساد بشكل واسع جداً؛ التظاهرات اوجدت وضعاً جديداً وهذا الوضع سيدفع باتجاه وضع سياسات مدروسة وتخطيط صحيح وسيوفر الارضية لتبني منهج وبرنامج شفاف وخاضع للرقابة والمحاسبة الشعبية؛ وهذه الرقابة والمحاسبة لا تتحقق إلا بتوفر ثلاثة عناصر اساسية تمثل اجابةً على ثلاث تساؤلات اساسية: السؤال الاول: من يجب ان يُراقب ويُحاسب؟ السؤال الثاني: على ماذا يُحاسب ؟ والسؤال الثالث: ما هي آليات المحاسبة ؟ وأدناه الاجابات على هذه الأسئلة:
السؤال الاول: من يجب ان يُراقب ويُحاسب؟ الجواب: في الحكومات السابقة كان رئيس الوزراء يتهم الكتل السياسية بمسؤوليتها عن الاخفاقات لأن الوزراء منهم، والكتل السياسية تتهم رئيس الوزراء لأنه يمتلك الصلاحيات الاكبر؛ اما الآن فإن المُحاسب هو رئيس مجلس الوزراء والوزراء بشكل تضامني على اعتبارهم الجهة التنفيذية المسؤولة عن إدارة البلد وإن اختيارهم يجب ان يكون من قبل رئيس مجلس الوزراء وليس من قبل الكتل السياسية؛ السؤال الثاني: على ماذا يحاسبون؟ سيجد المواطن ان هناك تفصيلات سأطرحها ادناه تحت شعار احترام حقوق المواطن ليعرف المواطن على ماذا يُحاسب، فضلاً عن ذلك فلن نطرح الآن برنامجاً وزارياً يعتمد على تخمينات غير واقعية ووعود في الهواء لا يمكن تحقيقها بسبب ابتعادها عن الواقع، سيطرح البرنامج لجميع الوزارات بعد ثلاثة أشهر حيث يستطيع الوزير ان يقدم برنامجاً متكاملاً استناداً دراسته لواقع الوزارة عن كثب لمدة ثلاثة أشهر. والسؤال الثالث: ما هي آليات المحاسبة؟ للأسف نجد انه لا يوجد تقارب وتفاعل بين المواطن والحكومات السابقة ولا تتوفر آليات المراقبة والمحاسبة من قبل الشعب، ولكن سيجد المواطن هنا تحت شعار احترام حقوق المواطن آليات تفاعلية بين المواطن والحكومة تنعكس على ارض الواقع كآليات واضحة للمراقبة والمحاسبة للأداء الحكومي من قبل المواطن الكريم، فضلاً عن ذلك ستطرح لاحقاً فقرات اخرى كتتمة للبرنامج الحكومي سواء في مراقبة الحكومة او آليات المحاسبة.
مقتطفات من البرنامج الحكومي المقترح للحكومة القادمة
(الجزء الثاني/ احترام حقوق المواطن)
ننشر ادناه مقتطفات متعلقة باحترام حقوق المواطن والتي من اهم مصاديقها مراقبة ومحاسبة الحكومة على ادائها، للأسف نفتقد في بلدنا احترام حقوق المواطن، لا يوجد احترام لحريته، ولا يوجد احترام لحياته، لا يوجد احترام لرأيه بل الكثير من حقوقه منتهكة ومسلوبة؛ نعم كان الانتهاك لحقوقه كبير جداً قبل عام 2003 ولكن كان من المتوقع أن يسترجع كامل حقوقه بعد عام 2003 ولكن للأسف لا زالت الكثير من حقوقه مسلوبة، لذلك وضمن البرنامج الحكومي المقترح سواء كنت انا او تولى شخص آخر هذا المنصب، فأدناه بعض المقترحات بهذا الشأن لهذا البرنامج؛ المواطن محبط ومن الطبيعي ان يكون محبطاً بسبب قلة ثقته بالطبقة السياسية لكثرة الوعود من السياسيين من دون تحقيق آثار ملموسة على الارض، نرغب ان نؤكد ان ما هو مطروح ليس مجرد كلام، ولكن يجب ان يتم السعي ان شاء الله لتحويل هذه المقترحات إلى واقع بكل ما يملك الحاكم من قوة وامكانيات وصلاحيات؛
[حاولت ان اختصر هذا البرنامج الذي سينشر متكاملاً ان شاء الله في المستقبل القريب]
هذا المنهج يتحقق من خلال الفقرات التالية:
(هناك اكثر من اربعين فقرة سنكتفي بذكر عشر فقرات والباقي ستذكر في الحلقات القادمة ان شاء الله)
- المبدأ الاول الحرية وحق الحياة: للأسف الشديد لا زالت الحرية مفقودة في بلدنا ولا زال دم المواطن العراقي رخيصاً منذ قيام التظاهرات السلمية وحتى هذه اللحظة، واقل ما يمكن ان يقال ان هذه الحكومة اخفقت في الكشف عن الجناة وهذا مما لا يمكن القبول به اطلاقاً، وبناءً على ذلك يجب ايقاف عمليات القمع فوراً وحصر السلاح بيد الدولة والاسراع في تنفيذ توجيهات المرجعية الدينية في الكشف عن القتلة وتقديمهم للقضاء لينالوا جزاءهم العادل.
- المبدأ الثاني الحاكم خادم للشعب: للأسف لا زالت النظرة إلى المسؤول في الدولة كإنسان له الحق بالتمتع بحقوق مميزة وهذا خلاف الواقع، لأن كل من هو في اي منصب في الدولة يعتبر خادماً للشعب وليس العكس، لذلك في المرحلة القادمة كل من يستغل موقعه لاستغلال المواطنين او تهديدهم او الاضرار بهم بل حتى الفساد والأثراء غير المشروع على حساب المواطنين يجب ان يحكم بأحكام شديدة جداً مهما كان منصبه وموقعه في الدولة.
- قانون الانتخابات: يجب ان يستجيب قانون الانتخابات لمطاليب المواطن بالدرجة الاولى فمجلس النواب مع كونه الجهة التشريعية الرسمية ولكنه لا يمثل المواطن تمثيلاً حقيقياً، حيث نسبة من انتخب كان اقل من 20٪ فضلاً عن التزوير الكبير، لذلك نستطيع بكل ثقة ان ندعي ان تمثيل البرلمان لا يشكل نسبة 15٪ من الشعب العراقي، لذلك يجب على الحكومة الانتقالية تشكيل لجنة بين ممثلين عن البرلمان وممثلين عن المتظاهرين وقانونيين يمثلون الحكومة لإعادة النظر بالقانون الذي شرع مؤخراً وتقديمه مرة اخرى للبرلمان لتشريعه بشكل رسمي.
- مفوضية الانتخابات: للأسف شارك البعض من الموظفين الفاسدين لمفوضية الانتخابات بالتنسيق مع المفوضين الفاسدين بالكثير من عمليات التزوير، يجب اعادة النظر بتركيب مفوضية الانتخابات وإعادة النظر في الآليات المتبعة بالتنسيق مع الامم المتحدة والمنظمات الدولية لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة بعد سنة من تشكيل الحكومة الانتقالية.
- الاستضافة في مجلس النواب: من حق المواطن ان يراقب ويحاسب المسؤول بشكل دائم ومتواصل، لذلك يجب ان يتم في كل اسبوع استضافة أحد الوزراء إلى مجلس النواب ليقوم بشرح ما انجزه لخدمة البلد والمواطنين ويتم مساءلته من قبل النواب (بل حتى المواطنين كما سنبينه ادناه)، وكل وزير ثبت عليه اي فساد يقال ويحكم مباشرةً بالحبس لفترة بين عشر سنوات بالحد الادنى إلى السجن المؤبد، وعلى رئيس مجلس الوزراء ان يستضاف مرة كل ثلاثة اشهر.
- التعيينات : للأسف الكثير من التعيينات تمت في السابق على اسس تفتقر للعدالة والمساواة، لذلك لا يحق لكل من هو في موقع المسؤولية ان يعين اي شخص في اي موقع من خلال الوساطة او القرابة ، نعم في بعض المواقع كمكتب الوزير او افراد الحماية او ما شابه فذلك جائز؛ كما يجوز ذلك لمن يعينون كمستشارين او في المواقع المهمة اوالخاصة لمن يمتلكون مواصفات معينة، كما يجب ان يتم تفعيل دور مجلس الخدمة الوطني.
- الرشاوى والعمولات: الرشوة والعمولة اصبحت ثقافة طبيعية ومقبولة واستشرت في كافة مفاصل الدولة ومؤسساتها، وبدأ المواطن يعاني معاناة عظيمة نتيجة لاستشراء هذه الظاهرة الخطيرة، الامر يتطلب اتخاذ إجراءات شديدة وحاسمة للقضاء على هذه الظاهرة الوخيمة، لذلك سنعتبر فترة السنة كمرحلة انتقالية من مجتمع الفساد الى المجتمع الصالح وفي هذه الفترة إذا تم اخذ اي رشوة من قبل اي موظف في الدولة من اي مواطن حتى ولو كانت عشرة آلاف دينار او اي عمولة سيكون الحد الادنى للعقوبة هو الفصل من الوظيفة والحبس لفترة عشر سنوات، اما عمولات ورشاوي ملايين الدولارات فتصل عقوبتها إلى الحبس مدى الحياة ، وفي نفس الوقت تتم مكافئة المخلصين والمجدين في عملهم من خلال تعليمات وضوابط تشرع لهذا الغرض.
- تأخير معاملات المواطنين: واحد من اهم عناصر الفساد والاستهانة بالمواطن الكريم هو اهمال حقوقه المتمثلة بمعاملاته المختلفة واهمالها وتأخير إجرائها، فالموظف يجب ان يكون هو الخادم للمواطن وليس العكس، لذلك يجب ان تفرض عقوبات شديدة تصل الى الاحالة الى التقاعد او الفصل لكل من يؤخر معاملة اي مواطن او يدون معلومات خاطئة بشكل متعمد تضر بالمواطن وتؤخر معاملاته.
- آليات الشكاوى: لتحقيق حقوق المواطن بشكل عملي بعيداً عن الشعارات سيتم فتح خطوط هاتفية ساخنة وعناوين ايميلات يمكن ان يعلن عنها في وقتها لارسال شكاوى المواطنين بهذا الشأن، وتقدم الاسئلة للوزراء من قبل المواطنين للرد عليها عند استضافة الوزير في مجلس النواب.
- صحيفة المواطن: لتعريف المواطن بما يحصل في مؤسسات الدولة وايجاد حالة من التفاعل الايجابي بينه وبين الحكومة فضلاً عن الاستفادة منه ومن مشاركته البناءة لتطوير البلد وتقدمه، يجب ان تصدر صحيفة باسم صحيفة المواطن من حق كل مواطن ان يعطي فيها رأيه بالدولة والحكومة ومؤسساتها وطرح المقترحات لتطوير الاداء الحكومي، وتحاسب الوزارات في حالة عدم تفعيل او الاهتمام بالمقترحات المهمة.
نص كلمة محمد علاوي للجالية العراقية في فرجينيا

بسم الله الرحمن الرحيم
مستقبل العراق على أثر انتفاضة تشرين
نشكر المنظمين لهذه الندوة والداعين اليها وهي مجموعة (منظمة مستقبل العراق) على ما بذلوه من جهد كبير لتحقيق هذا اللقاء الاخوي والودي مع الجالية العراقية للتعريف بمستقبل العراق على اثر هذه الانتفاضة الجماهيرية الكبرى والتي نأمل ان يكون لها اثر كبير وحاسم لرسم مستقبل جديد وزاهر للبلد بمشيئة الله وتغيير اسس العملية السياسية التي قامت عام 2003 واستمرت بكافة سلبياتها حتى يومنا الحالي؛
سنتناول في هذه العجالة ما وصل إليه العراق خلال ستة عشر عاماً منذ عام 2003 حتى الآن، وما هي اسباب النقمة الشعبية الكبيرة ليس على السيد عادل عبد المهدي فحسب، وليس على الطبقة السياسية الحالية فحسب بل على اغلب الطبقة السياسية التي حكمت البلد منذ عام 2003 حتى الآن؛ الواقع الذي يعيشه البلد اليوم هو واقع مزري بكل معنى الكلمة، وهذا بسبب عدة عوامل، ولا ارغب في هذه الكلمة التطرق إلى كافة العوامل التي اوصلتنا إلى هذا الواقع، بعضها كان منذ عام 2003، وبعضها مرتبط بدول اخرى لعبوا دوراً مهماً في ايصال البلد إلى ما نعاني منه اليوم، ولكني اريد ان احصر اسباب المشكلة بمطالب المتظاهرين والمتعلقة بالفئة السياسية التي حكمت البلد منذ عام 2003 حتى الآن، واستطيع ان اختصر اس المشكلة لهذه الطبقة السياسية بامرين، الاول فسادها او بالاحرى فساد اغلب الطبقة السياسية والثاني جهلهم بادارة شؤون البلد، ولذلك ستقتصر كلمتي في التطرق إلى ثلاثة محاور ؛ المحور الاول الواقع الحالي وما يعتريه من فساد وجهل في ادارة البلد، سواء كان فساد الانتخابات، فساد الاحزاب، مشكلة الدستور، فساد الخدمات، فقدان خطة اقتصادية، انتشار البطالة، وانعدام الامن، المحور الثاني الحلول الممكنة لمعالجة الواقع الحالي، والمحور الثالث التظاهرات ومستقبل العراق والامكانيات المتاحة للخروج من الواقع الحالي، او والعياذ بالله المصير المخيف الذي ينتظر البلد ان لم نسع لاصلاحه خلال فترة المستقبل القريب:
(1)الفساد والاحزاب السياسية، الانتخابات، والدستور
فقط 19٪ من المؤهلين للانتخاب قد انتخبوا ، وضمن هذه نسبة ال 19٪ حدث تزوير كبير …… لقد تم تعيين رؤساء مفوضية الانتخابات عن طريق المحاصصة، واغلب اعضاء مفوضية الانتخابات يزورون لمصلحة الجهات او الاشخاص الذين جلبوهم، وفضلاً عن ذلك فانهم يستخدمون موقعهم للحصول على الاموال لانفسهم ولمن جلبهم، فالمقاعد البرلمانية اصبح لها سعر، لذلك فالنتائج لا تعلن إلا بعد اسبوعين لكي يتم بيع المقاعد لمن يدفع اكثر، وهذه الاموال يتم اقتسامها بين الاحزاب واغلب مفوضي مفوضية الانتخابات، وخلال هذين الاسبوعين تصدر في كل يوم عدة قوائم وتتغير هذه القوائم لصالح من يدفع اكثر؛ لقد تم مراجعة حوالي 10٪ من الصناديق بالعد اليدوي فتغيير 12 نائب، وهذا معناه لو تم مراجعة كل الصناديق لتغير حوالي 120 نائب اي ثلث البرلمان، لقد تم حرق اكبر مستودعات لهيئة الانتخابات لصناديق الاقتراع في بغداد في منطقة الرصافة، وتم كشف من تسبب بالحريق المفتعل من موظفي هيئة الانتخابات مع مجموعة من الشرطة، واعلنت الحكومة انها ستكشف المتورطين بهذا الفعل وتكشف المتلاعبين وتكشف التزوير، وفي النهاية تم غلق الامر لأنه قد يؤدي الى تغيير كبير في البرلمان، ، استطيع ان اقول وبكل ثقة ان هذا البرلمان لا يمثل اكثر من 13٪ من الشعب و87٪ من الشعب صوته معطل لذلك من الطبيعي ان يخرج هؤلاء الذين يمثلون ما يقارب ال 90٪ من الشعب العراقي بهذه المظاهرات وهذا الرفض الكامل للطبقة السياسية ذات الاغلبية الفاسدة، هذا الواقع سببه إنه للأسف لا يوجد احترام للمواطن العراقي وللأسف لا يوجد احترام لصوته ولا احترام لرأيه.
اما بالنسبة للدستور فلم يتوفر الوقت الكافي عام 2005 ليوضع دستور يلبي حاجات المواطن العراقي، فضلاً عن هذا فهو دستور جامد فيه الكثير من الثغرات، ولا يمكن تغيير اي فقرة من الدستور إلا باستفتاء عام، وإذا اعترضت ثلاث محافظات على تلك الفقرة فلا يمكن إجراء اي تغيير. الآن قام البرلمان بالغاء منصب المفتش العام وهو خطأ كبير، ولا اقول ذلك كرأي مجرد بل انطلق من تجربتي كوزير سابق ومعرفتي بدور المفتش العام إن كان نزيهاً، لانه لا يمكن لهيئة النزاهة والرقابة المالية التعرف الدقيق على مواطن الفساد كما يمكن من خلال موقع المفتش العام. ولكن في نفس الوقت استطيع ان اقول وللاسف الشديد ان اغلب المفتشين العامين ومكاتبهم كانوا اناساً فاسدين خلال الستة عشر عاماً الماضية.
(2) الفساد وفقدان الخدمات
لا اريد ان اطيل في هذا الموضوع ولكن اضرب مثلاً واحداً على توفير الكهرباء، حيث كان في العراق 6 آلاف ميغاوات عام 2003 والعراق اليوم بحاجة إلى 24 الف ميغاوات، خلال الفترة السابقة اوصل انتاج العراق من الكهرباء عام 2018 إلى 14 الف ميغاوات اي زيادة 8 الف ميغاوات، الالف ميغاوات كلفته العالمية بين 700 مليون دولار إلي مليار دولار، أي ان كلفة ما تحقق من زيادة في الكهرباء خلال ستة عشر عاماً يبلغ 6 مليارات إلى 8 مليار دولار، ولكن العراق صرف على الكهرباء خلال ستة عشر عاماً اكثر من 30 مليار دولار وعلى هذا يمكن ان تقاس الامور في كافة الوزارت. بمعنى ان كل اربع دولارات صرفت على الكهرباء صرف فقط دولار واحد على الكهرباء والثلاث دولارات الاخرى اما سرقت او ذهبت هدراً.
لقد وضع الاميركان منهج المفتش العام، اكتشفت احدى الاحزاب في السلطة اهمية موقع المفتش العام فتم تعيين اغلب المفتشين العامين من حزب واحد، وجاء الكثير من المفتشين العامين الفاسدين من هذا الحزب، فتعرف هذا الحزب على كل طرق الفساد، واكتشف الثغرات التي يسرق من خلالها، فتمادوا في السرقات ، وكشفوا سرقات الجهات الاخرى، فقاموا بابتزازهم وانتشر مبدأ (مشيلي وامشيلك).
(3) الفساد وفقدان سياسة وخطة اقتصادية
من آثار عدم وجود سياسة اقتصادية هو رفع قيمة الدينار، كان سعر الدولار عام 2003 هو 3000 دينار، رفع الدينار إلى 1500 دينار للدولار، هذا مقبول بسبب الفترة الانتقالية بعد سقوط نظام صدام، وبعد استقرار الوضع الاقتصادي بعد اربع سنوات عام 2007 تم بطريقة غير مدروسة رفع قيمة الدينار الى 1160 للدولار الواحد، وصفق الوزراء للأسف الشديد لهذا الاجراء غير المدروس، واعترضت انا في مجلس الوزراء على هذه الخطوة غير المدروسة لما لها من اثر كبير على زيادة اسعار المنتجات العراقية من منتجات زراعية وصناعية، ولكن لا رأي لمن لا يطاع، فتحدثت مع الدكتور سنان الشبيبي فقال وله الحق في مقولته: ( أنا مسؤول عن السياسة النقدية، انا مسؤول على السيطرة على التضخم، مسؤول عن المصارف، مسؤول عن نسبة الفائدة، اما بالنسبة لسعر الدينار فهذا مرتبط بالسياسة الاقتصادية، وهي تقرر من قبل الحكومة وتأتيني التوصيات من وزارة المالية وانا انفذها). واستنادا لهذا الواقع تم تدمير المصانع لأننا لا يمكن ان ننافس اسعار البضائع المستوردة، وتم هجر الكثير من الاراضي الزراعية لأننا لا يمكننا ان ننافس المنتجات الزراعية من دول الجوار.
اما اخطر مشكلة سيواجهها العراق فهو مقدار استهلاك النفط على المستوى العالمي وسعره حيث لن يبقى محافظاً على سعره وسيقل استهلاكه إلى اقل من النصف وستهبط قيمته بشكل كبير بعد عقد إلى عقدين من الزمن حيث الكثير من الدول الاوربية والآسيوية وبعض الولايات الامريكية ستمنع صناعة واستيراد السيارات التي تعمل على الوقود السائل بين عام 2030 إلى 2040، والتقارير العالمية تشير إلى ان سعر النفط سيبلغ بين 15 الى 20 دولار خلال عقد من الزمان، كما ان الحاجة للنفط ستقل إلى النصف خلال عقد من الزمن ( حيث ان 68٪ من الانتاج النفطي العالمي اليوم يستخدم كوقود للسيارات)، معدل موارد النفط للعراق خلال السنين السابقة حوالي 60 مليار دولار وهو اقل ب 20 مليار دولار عن الموازنة التي تبلغ حوالي (80 مليار دولار) ، امام هذا الواقع ستبلغ موارد النفط حوالي ربع الموارد الحالية؛ فكيف سيتم التعامل مع هذا الواقع؟؟؟ كيف ستدفع المعاشات وهل يمكن بناء البلد واعماره وتشغيل العاطلين عن العمل بموارد النفط التي ستكون بحدود 15 مليار دولار ؟؟؟؟
(4)الفساد واستشراء البطالة وانعدام الامن
لقد تم تعيين وزراء فاسدين، بل تم فرض وزراء فاسدين على حكومة السيد عادل عبد المهدي، ولم تكتفي الاحزاب السياسية بذلك بل اعطوا لانفسهم الحق في تعيين المدراء العامين، بل حتى مدراء مكتب الوزير، واصبح بعض من الوزراء يحتاج موافقة مدير مكتبه بكل صغيرة وكبيرة ،فاستشرى الفساد من قمة الهرم في الوزارات إلى اصغر موظف، وتم استبعاد الموظفين النزيهين، لقد اتصل بي السيد عادل عبد المهدي في 8.10.2019 لكي اكون وزيراً في وزارته، فرفضت عرضه وقلت له لا يوجد مستقبل وافق لوزارتك، ولو كان هناك وزير واحد جيد في حكومتك فقد كان وزير الصحة الدكتور علاء العلوان وقد استقال، فقال لي هناك وزراء جيدون في الوزارة وانت تعرفهم، وفي اليوم الذي تقبل ان تصير فيه وزير فالدكتور علاء العلوان سيرجع إلي الوزارة، فقلت له : لا أظن ذلك، واتصلت بالدكتور علاء العلوان وقلت له ما قاله السيد عادل، فقال لي من المستحيل ان ارجع، الفساد مستشري بشكل واسع والسيد عادل غير قادر على اسناد وزرائه قبال الفاسدين.
لقد تم تعيين الكثير من الفاسدين في هيئات الاستثمار، فلا يمكن لمعاملة استثمار ان تأخذ مجراها ما لم يتم دفع مبالغ باهضة للفاسدين، وتستغرق المعاملة الواحدة بين ستة اشهر إلى السنة ونصف، فتعطلت مشاريع الاستثمار، لذلك من الطبيعي ان يتوقف الناس عن الاستثمار وانشاء مشاريع صناعية وزراعية وخدمية بما يلائم قدرة العراق، لذلك من الطبيعي ان تنتشر البطالة، فسنوياً يدخل الى سوق العمل من خريجي الجامعات والمدارس بمراحلها المختلفة اكثر من اربعمئة الف شاب، لا يمكن ان تستوعب الدولة والقطاع الخاص اكثر من خمسين الف ، فضلاً عن وجود اكثر من ثلاث ملايين عاطل عن العمل. وبسبب هذه البطالة وقلة الموارد اضطر الكثير من الشباب ان يمتهنوا طرقاً غير سليمة للحصول على لقمة العيش، والتحق الكثير منهم بالحركات الضالة والمنحرفة من امثال داعش والقاعدة وغيرها…
الحلول
(1)الاحزاب السياسية، الانتخابات، والدستور
اي قانون سيشرع للانتخابات سواء كان الترشيح الفردي ل50٪ او 100٪ لن ينفع مادام تعيين مفوضي مفوضية الانتخابات يتم عن طريق المحاصصة وتعيين مفوضين اغلبهم فاسدين ، يجب ان يزاح كافة المفوضين السابقين ويشرف على المفوضية ثلاث جهات، قضاة مستقلون ، واشخاص تقنيين غير عراقيين يرشحون ويعينون من قبل منظمة الامم المتحدة في العراق (يونامي) على ان يكونوا متخصصين في ادارة الانتخابات، وفي مقارعة التزوير، وفي تقنية المعلومات، فضلاً عن شخصين مشهود لهما بالنزاهة يمثلان منظمات المجتمع المدني، اما الكود للدخول إلى الحاسبة المركزية فيجب ان يكون بيد ثلاث اشخاص كل منهم لديه جزء من الكود، احد القضاة، وشخص تقني غير عراقي وشخص من منظمات المجتمع المدني ويجب ان تعلن نتائج التصويت في نفس اليوم.
اما الدستور فقد تحدثت مع الشيخ همام حمودي الذي كان رئيس لجنة التعديلات الدستورية قبل اكثر من عشر سنوات ، حيث علمت منه ان هناك العشرات من الفقرات المختلف بشأنها، واستمر النقاش ضمن لجنة التعديلات الدستورية لعدة سنوات ولم يتم التوصل إلى نتائج متفق عليها ، ولا اعتقد انه سيتم الاتفاق بين الفرقاء المختلفين إلا بعد سنوات عديدة، لذلك اعتقد ان التصويت العام يجب ان يتم على فقرة واحدة من الدستور، وهي السماح للبرلمان باجراء التعديلات الدستورية كأن يكون ثلثي اعضاء البرلمان، ويحدد اسبوع في السنة لاجراء التعديلات الدستورية، بهذه الطريقة يمكن في كل سنة إجراء بعض التعديلات ويتم تطوير الدستور ليتلائم مع المتغيرات المجتمعية ومع تطور البلد كما في كافة الدساتير العالمية.
(2)كيف يمكن توفير الخدمات
يجب ان تحدد مسؤولية الاحزاب ضمن قبة البرلمان بالجانب الرقابي والتشريعي، ولا يحق لأي حزب او عضو في البرلمان ان يعين او يوصي بتعيين اي درجة خاصة من وكيل وزارة الى مستشار إلى مدير عام إلى رئيس هيئة اواي مؤسسة حكومية، ويجب تشكيل لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء لمتابعة اداء اي موظف بدرجة خاصة واي موظف بهذه الدرجة يفتقر لعنصر النزاهة ويفتقر للأهلية لشغل هذا المنصب يجب ان يزاح ويحل محله موظف نزيه وكفوء، فقط في هذه الحالة مع تعيين وزراء نزيهين وكفوئين يمكن ان تؤدي الحكومة مهامها بشكل طبيعي كما هو حال الحكومات المختلفة للدول المتقدمة، وبذلك تصرف الموازنة بالطريقة الطبيعية ، فمن الطبيعي ان ينهض البلد ويتطور وتقدم الخدمات بشكل طبيعي من دون هدر او سرقات.
كما إن المطلوب التواصل مع الكثير من الدول ومع المؤسسات المالية العالمية وتعيين شركات استشارية متخصصة في التحقيق الجنائي لإسترجاع الاموال المنهوبة من قبل السياسيين الفاسدين خلال الفترات السابقة
.
(3)وضع سياسية لخطة اقتصادية
طرحت واقع هبوط موارد النفط إلى الربع مما هي عليه الآن في اخر عهد حيدر العبادي على مجموعة من المستشارين الاقتصاديين لرئيس الوزراء، مع كادر متقدم في مجال الاستثمار وعلى ما اعدوه لذلك اليوم، فلم اجد منهم جواباً، ولكن احدهم اجاب ان الحل في الاستثمار، فقلت أؤيدك فيما تقول ولكن ما الذي اعددتموه للاستثمار؟ وماذا حقق مؤتمر الكويت للاستثمار؟ كان الجواب انه لم يأت اي مستثمر جدي بسبب عدم توفر البيئة الاستثمارية، من انتشار الفساد الى القوانين والتعليمات المعرقلة للاستثمار؛ هذا الامر لا يمكن حله إلا إذا تم إزاحة كافة الاشخاص الفاسدين على كافة المستويات ويجب على رئيس الوزراء ان يطلب من البرلمان صلاحية تغيير كافة القوانين والتعليمات مع كل ما يتعارض ويعرقل ويؤخر الاستثمار بشكل آني على أن يقوم مجلس شورى الدولة بتقنيين هذه التغييرات وتقديمها إلى البرلمان لإقرارها خلال فترة سنة.
اما بالنسبة لإسناد القطاع الصناعي والزراعي فلا يمكن تغيير قيمة الدينار العراقي ولكن يجب تقديم دعم كبير لهذين القطاعين من توفير الطاقة والوقود بسعر زهيد وقروض ميسرة وتوفير المنح المالية لما يصدر من المنتجات الصناعية والزراعية، ووضع ضرائب عالية جداً على البضائع الصناعية المستوردة وتصنع مثيلاتها في العراق ومنع استيراد المنتجات الزراعية التي تنتج في العراق.
(4)القضاء على البطالة وتوفير الامن
التوجه العام في العراق لخريجي الجامعات وكل من يبلغ سن العمل من غير الخريجين هو التوظيف في دوائر ومؤسسات الدولة، لا يوجد توجه ولا تتوفر الخبرة لدى خريجي الجامعات لإنشاء مشاريعهم الخاصة سواء كانت مشاريع صناعية او زراعية او خدمية، يجب انشاء هيئة المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالتعاون مع المنظمات الدولية تكون حاضنة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة لعمل دراسات الجدوى وتوفير القروض الميسرة حيث تبقى هذه الهيئة حاضنة للمشروع حتى تحقيق نجاح المشروع، فضلاً عن ذلك تقدم هذه الهيئة التوصيات إلى مجلس الوزراء ومجلس النواب لتوفير التسهيلات ولتغيير القوانين التي تتعارض مع انجاح مثل تلك المشاريع، كما يجب اعطاء تقاعد للعامل للقطاع الخاص اسوة بالذين يعملون في القطاع العام.
يجب ان ترتبط كافة هيئات الاستثمار على مستوى العراق ولكافة المحافظات بلجنة عليا برئاسة رئيس مجلس الوزراء لتذليل كافة المعوقات ويجب على رئيس الوزراء عقد اجتماع دوري مع كافة المستثمرين الكبار للاستماع إلى شكاويهم وتوصياتهم لتذليل العقبات وتذليل المعوقات وتفرض عقوبات شديدة جداً بحق كل من يعرقل الاستثمار من موظفي الدولة او يبتغي تحقيق المصلحة الشخصية على حساب المصلحة العامة.
بمجرد توفير فرص عمل للشباب وانشغال الشاب بالعمل وتكوين عائلة ستختفي اكثر من 90٪ من مظاهر انعدام الامن والانتماء الى الحركات المسلحة بمختلف اشكالها التي تعتمد على استقطاب الشباب العاطلين عن العمل والمحبطين وليس امامهم اي افق لتكوين عائلة وتحقيق مورد دخل يكفيهم للعيش بطمأنينة وسلام.
المظاهرات ومستقبل العراق
اسباب التظاهرات
برزت عدة تحليلات بشأن المظاهرات واسبابها ، وتم طرح اسماء عدة جهات داخلية وعلى المستوى الاقليمي والمستوى العالمي ووجه اليها الاتهام ومسؤوليتها عن المظاهرات ، لا اريد ان ادخل في نقاش سواء في تأكيد ذلك بمجمله او بعضه أو في نفيه؛ ولكن ما استطيع ان أؤكد عليه أن اغلبية المشاركين في هذه التظاهرات هم مجموعة من الشباب والكهول الذين يشعرون انهم يعيشون في بلد يمتلك كل مقومات الرفاه والتقدم والرخاء والعيش بسعادة وسلام وغنى، ولكن سلبت منهم احلامهم بالعيش الرغيد وتكوين عوائل تعيش بسلام ورخاء بسبب مجموعة من السياسيين اغلبهم من الفاسدين الذين حكموا البلد منذ عام 2003 حتى الآن وسخروا موارد البلد لتحقيق مصالحهم الخاصة على حساب مصلحة الوطن والمواطن الشريف الذي يمتلك كامل الحق ليتمتع بموارد بلده التي هي حقه الطبيعي، وما قام به السياسيون المفسدون انهم سرقوا حق هذا المواطن، سرقوا لقمة العيش من افواه الارامل والايتام وسرقوا احلام الشباب والاطفال؛ والحقيقة فإن القضية الكبرى في هذا المجال ليست التظاهرات بل القضية الكبرى في تصوري لو لم تحدث هذه التظاهرات، القضية الكبرى لو ان الشعب رضي بالذل والهوان والخضوع والرضوخ لثلة من السراق الذين سرقوا حقوق هذا الشعب لمصالحهم الخاصة، واقول بصدق واعني ما اقول انه لا يشرفني ان اكون عراقياً لو لم يثر هؤلاء الناس على هذه الفئة التي تمادت في الغي والفساد واقتسمت اموال الشعب لمصالحهم الخاصة.
ما هو المستقبل ؟
لقد نالت وثيقة الاتفاق بين الكتل السياسية والسيد عادل عبد المهدي بتأريخ 18/11/2019 لتحقيق المطالب خلال فترة 45 يوماً تنتهي في نهاية العام رضى المتظاهرين وبالذات الفقرات المتعلقة (1) بالكشف عن الجهات والاشخاص المسؤولين عن قتل المتظاهرين واختطافهم على ان تتم معاقبتهم؛ (2) ومحاسبة الفاسدين وكشفهم وعرض ملفاتهم على القضاء واسترجاع الاموال التي سرقوها؛ (3) ومنع الفئات السياسية من التدخل بشؤون الوزارات؛ (4) وتعديل قانون الانتخابات لفتح المجال لترشيح المستقلين وتشكيل مفوضية جديدة مستقلة عن الاحزاب؛ (5) وتفعيل قانون من اين لك هذا؟ ؛ ولكن يبقى هناك عائق كبير وهو عدم تصديق الناس بإمكانية تحقيق هذه الشروط ؛ ولعل من اهم الاسباب هي الوعود من السياسيين المختلفين خلال الفترات السابقة لتحقيق اصلاحات، ولكن للأسف بقيت هذه الاصلاحات حبر على ورق وهواء في شبك. ولكن املنا كبير بتحقيق هذه الاهداف إن آلت السلطة إلى المخلصين من ابناء بلدنا والشجعان والاكفاء.
استطيع ان اقول بكل ثقة ومن دون اي مبالغة ، انه لو تم تنفيذ الحلول للفقرات الاربع التي ذكرتها اعلاه في المستقبل القريب فانه يمكن النهوض بالبلد وعدم الاعتماد الكلي على موارد النفط وتحقيق التقدم والازدهار والنمو والتطور كما تفعل الكثير من الدول النفطية كالجزائر والسعودية وقطر والكويت بل حتى في ليبيا في عز ازمتها الحالية وضعوا خططاً لتلافي ذلك اليوم الذي لن يكون لصالح الدول المنتجة للنفط بالمرة ، و أما إذا عجزنا عن ذلك لا سامح الله، فسينهار العراق بعد عقد من الزمان او اقل، وستعجز موارد البلد من تغطية المعاشات فضلاً عن تسديد الديون بحق العراق، وستنتشر العصابات ويستفحل الاجرام بسبب الفقر والجوع وفقدان الامل، أملنا كبير بالله ان لا نصل إلى هذا الواقع المخيف. لذلك اتصور ان انتفاضة تشرين قد كانت سبباً لدق الاجراس وتخليصنا من اغلب هذه الفئة السياسية الفاسدة التي كانت لا زالت تحكم البلد منذ عام 2003 حتى اليوم.
اهم انجازات انتفاضة تشرين
- في تصوري اعظم انجاز حققته التظاهرات انها ستؤسس لمرحلة سياسية جديدة تختلف بشكل جذري عن المرحلة السياسية السابقة ؛ المرحلة السياسية السابقة كانت مرحلة السياسيين الفاسدين، كانت وبحق مرحلة تهديم البلد، اما هذه المرحلة السياسية القادمة فالمواطن العراقي الشريف هو من سيضع ركائزها؛، وان شاء الله ستكون مرحلة بناء البلد واعماره وتطويره وازدهاره،
- المواطن العراقي علم انه قادر على تغيير الحاكم ولن يتمكن المفسدون في المستقبل ان شاء الله من فرض ارادتهم الفاسدة على المواطن وعلى هذا الشعب.
- الاحداث التي مرت اثبتت ان المرجعية الدينية المتمثلة بآية الله السيد السيستاني متلاحمة مع مطالب الشعب المحقة، ولم تتحقق هذه النتائج إلا بوجود هذه الدرجة العالية من التلاحم، نسأل الله ان يطيل عمر سماحة آية الله السيد علي السيستاني ليبقى خيمة يستضل بها كل الطيبين والاشراف من ابناء الشعب العراقي الابي.
المظاهرات ……… إلى اين ؟
ينحصر نهوض البلد ومطالب المتظاهرين في تحقيق ثلاثة اهداف اساسية وهي:
- تغيير الطبقة السياسية وبالذات الفاسدين منهم من وزراء حاليين وسابقين واعضاء مجلس النواب والكثير من موظفي الدولة بمختلف الدرجات وزج الفاسدين منهم في السجون واسترجاع الاموال المسروقة.
- تغيير الدستور وبالذات تقليص اعداد النواب في مجلس النواب؛ والانتخاب المباشر لمسؤولي الجهات التنفيذية كرئيس الوزراء والمحافظين او جعل النظام نظاماً رئاسياً.
- ايجاد فرص عمل لملايين العاطلين عن العمل وتوفير لقمة العيش الكريمة لما يقارب ال 30٪ من الشعب العراقي ممن هم تحت خط الفقر.
فضلاً عن ذلك فقد برزت أهداف أخرى ومنها استبدال وزارة السيد عادل عبد المهدي بسبب ضعف الاداء خلال سنة من تشكيل الوزارة، وتوجيه الاتهام الى الحكومة بسبب مسؤوليتها عن استشهاد اكثر من 250 من المتظاهرين والقوات الامنية وجرح اكثر من 10،000 مواطن خلال فترة شهر؛ نعم لا يوجه الاتهام المباشر للسيد عادل عبد المهدي ولكن وجه الاتهام الى قرارات لجنة التحقيق التي غطت على جرائم الكثير من المجرمين الذين لم تكشف اسماءهم من المسؤولين عن اغتيال الكثير من المواطنين الابرياء من المتظاهرين السلميين.
قد يعترض البعض على هذه التظاهرات ؛ ولكني اقول العكس، إن لم يخرج العراقيون للتظاهر ضد هذه الطغمة السياسية ذات النسبة العالية من الفاسدين ففي هذه الحالة يمكننا ان نتهم الشعب العراقي بالذل والهوان والخضوع والخنوع لزمرة من السراق الذين يمثلون الكثير من افراد الطبقة السياسية التي حكمت البلد منذ عام 2003 حتى يومنا الحالي؛ لقد اثبتت هذه التظاهرات ان العراقيين رجال يأبون السكوت عن الضيم والظلم والهوان والذلة والمسكنة، وفي هذه الحالة فقط استطيع ان افتخر باني انتمي الى هذا الشعب الأبي، نعم لا ينكر ان هناك بعض الجهات لها اجندات داخلية وخارجية ولكنهم لا يمثلون إلا الاقلية ولا يجوز ان ينطلق تقييمنا لهذه التظاهرات انطلاقاً من هذه الفئات المندسة والخارجة عن القانون.
بالنسبة لتغيير الطبقة السياسية فاخطر جهة هي مفوضية الانتخابات، لقد تم تعيين رؤساء المفوضية من قبل الاحزاب السياسية استناداً على مبدأ المحاصصة السياسية، لقد تم تزوير الانتخابات على مستوى واسع جداً، لقد تم حرق مستودعات المفوضية في جانب الرصافة بشكل متعمد لإخفاء التزوير، وتم كشف الاشخاص المسؤولين عن الحريق من افراد يعملون في المفوضية ومن الشرطة، وقد تم السكوت عليهم في زمن الدكتور حيدر العبادي ولم يتخذ السيد عادل عبد المهدي أي إجراء بحق هؤلاء؛ لم يخرج للانتخاب اكثر من 19٪ من المواطنين العراقيين الذين يحق لهم الانتخاب؛ ومع هذه النسبة القليلة فقد حدث تزوير كبير، لذلك فمجلس النواب انطلاقاً من هذا الواقع لا يمثل الشعب العراقي إلا بنسبة ضئيلة؛ ولذلك فالمتظاهرون يملكون كامل الحق برفض هذا الواقع والدعوة لتغيير كافة الفاسدين من السياسيين من اعضاء مجلس النواب والمواقع الاخرى ويجب اقالة كافة رؤساء مفوضية الانتخابات السابقة، على ان يتولى رئاستها قضاة يعينون من قبل الجهات القضائية العليا؛ اما اللجنة العليا للانتخابات فمقترحي ان تتشكل من تسعة اعضاء، ممثلة الامم المتحدة في العراق (السيدة جينين هينيس)، ثلاثة اشخاص تقنيين غير عراقيين يتم تعيينهم من الامم المتحدة من دول محايدة متخصصين في (1.إدارة الانتخابات، 2.كشف التزوير، 3.تقنية المعلومات)، شخصين عراقيين من منظمات المجتمع المدني، وانا ارشح كل من (السيد هشام الذهبي والسيدة هناء ادور) وقاضيين يعينون من الجهات القضائية العليا وشخص واحد من مفوضية الانتخابات؛ على ان لا يعطى الرقم السري إلا إلى خمسة اشخاص (ثلاثة من الامم المتحدة وشخصين من منظمات المجتمع المدني) وليس كما في الانتخابات السابقة حيث كان يعلم بهذا الرقم السري العشرات من مفوضية الانتخابات كما ويجب ان تعلن النتائج في نفس اليوم وليس لعدة ايام واسابيع للتلاعب بالنتائج بشكل واضح حيث فاز الكثير عن طريق التزوير؛ لقد طرحت هذا الامر بشكل مفصل قبل سنتين على الرابط في ادنى المقال.
اما بالنسبة لتغيير الدستور، فالدستور العراقي جامد وأي عملية تغيير تحتاج إلى استفتاء عام؛ لذلك تغيير الدستور ضمن الاستفتاء الشعبي العام يجب ان يشمل ثلاث فقرات فقط لكي يسهل الاتفاق عليها؛ الاول السماح للبرلمان بتغيير الفقرات المتفق عليها كتعديلات دستورية في المستقبل بشرط تصويت ثلثي اعضاء البرلمان في اسبوع يسمى اسبوع التعديلات الدستورية يحدد بتاريخ معين مرة واحدة في السنة، الفقرة الثانية تقليص اعضاء البرلمان إلى 100 عضو او 150 عضو على اكبر تقدير، الفقرة الثالثة وجوب التصويت المباشر من قبل الشعب على المنصب التنفيذي الاول في الدولة (كرئيس الوزراء)، أو رئيس الجمهورية (إذا تحول النظام إلى نظام رئاسي)، وفي نفس الوقت يجب التصويت المباشر من قبل الشعب على كافة المحافظين لكي لا يبقى المحافظون لعبة بيد اعضاء مجلس المحافظة لتمرير عمليات فسادهم.
أما بالنسبة لايجاد فرص عمل لملايين العاطلين عن العمل فهناك ثلاثة مراحل يجب تحقيقها تباعاً: مرحلة على المستوى القريب خلال الاسابيع القادمة، ومرحلة على المستوى المتوسط خلال الاشهر القادمة ومرحلة على المستوى البعيد خلال السنين القادمة، بالنسبة للحلول على المستوى القريب فهناك حلول غير مجدية وتشكل عبئاً على الدولة اتخذت في حكومة الدكتور حيدر العبادي ويمكن ان تتخذ في حكومة السيد عادل عبد المهدي وهي فتح باب التعيينات في وظائف غير مجدية، بل تزيد ترهل دوائر الدولة وتعقد معاملات المواطنين وتؤدي الى تفشي الفساد وتستنزف موارد الدولة وموازناتها فتزداد نسبة الموازنات التشغيلية من معاشات وغيرها وتتقلص الموازنة الاستثمارية فتتوقف المشاريع الانمائية والخدمية لعدم توفر الاموال ويضطر البلد الاستدانة والوقوع في ديون كبيرة في الوقت الذي يتوقع فيه كل العالم نزول اسعار النفط وقلة الحاجة الى الوقود النفطي خلال العقد القادم من الزمن.
إن الحل المقترح على المستوى القريب خلال الاسابيع القادمة هو ايجاد فرص آنية للعمل الانتاجي الفعلي حيث إذا تم تفعيل منظومة بين القطاع العام والخاص لإنشاء ما يحتاجه البلد من بنى تحتية ووحدات سكنية ومناطق صناعية ومشاريع خدمية أخرى من خطوط سكك حديدية ومطارات من قبل مجاميع كبيرة تعد بمئات الالوف من المهندسين بكافة الاختصاصات والمهنيين والعمال الفنيين والغير فنيين مع اقامة دورات مهنية تتراوح بين ستة اسابيع إلى ثلاثة أشهر تدفع خلالها معاشات للمشاركين في هذه الدورات ضمن برنامج واقعي مرتبط بمواعيد زمنية محددة فهذا هو المطلوب تحقيقه بالنسبة لتشغيل مئات الآلاف من العاطلين عن العمل والقضاء على البطالة والفقر وتحقيق تنمية حقيقية وتعمير البلد من دون زيادة الترهل في مؤسسات الدولة.
اما المرحلة المتوسطة والبعيدة فالامر يحتاج إلى تفصيل اكثر وقد تم التطرق إلى هذا الامر بشكل اكثر تفصيلاً في المقال والفيديو ادناه الذي تم نشره قبل اكثر من سنة على الرابط التالي : https://mohammedallawi.com/2018/09/18/
محمد توفيق علاوي
أما بشأن تحقيق نزاهة الانتخابات فيمكن الاطلاع على المقال والمقابلة التلفزيونية قبل اكثر من سنتين على الرابط التالي : https://mohammedallawi.com/2017/10/24/
هل يمكن أن يأثم الزائر في توجهه لزيارة الحسين عليه السلام
إن اهم واجب يؤديه كل إنسان مسلم ومؤمن هو الصلاة الخمس اليومية؛ ولكن هذه الصلاة الواجبة يمكن ان تكون إثماً كبيراً إن لم تحقق الهدف الذي أراده الله منها، فقد هدد الله بعض مؤديها تهديداً عظيماً عاقبته نار جهنم في وادٍ من اوديتها يسمى (الويل) كما في قوله تعالى {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}، إن صلاة هؤلاء البعض التي ستكون بمستوى الاثم تتميز بثلاث ميزات: الميزة الاولى هي سهوهم عن الصلاة قبال صلاة المؤمن التي وصفها الله بالمحافظة عليها {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ}، والميزة الثانية {الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ} وهي المراءاة حيث لا يهدف هذا الانسان في صلاته تحقيق رضى الله بل تحقيق رضى الناس وهذا هو الرياء؛ والميزة الثالثة إنها لا تحقق الهدف المطلوب منها في النهي عن الفحشاء والمنكر {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} فمنعالماعون كناية عن منع الزكاة لإطعام الفقراء وهذا هو المنكر فالصلاة هنا لا تحقق الهدف المطلوب منها؛ لذلك هدد الله هؤلاء المصلين بهذه الصلاة وجعل عاقبة هذه الصلاة الويل في نار جهنم إن لم يحققوا الهدف الذي اراده الله من صلاتهم كما هو واضح من الآية الكريمة.
وكذلك الزائر للحسين عليه السلام، فإن الزائر امام طريقين إما ان يسعى لتحقيق الاهداف السامية التي أرادها الحسين عليه السلام من نهضته الكبرى أو على النقيض يجعل هدفه من هذه الزيارة تثبيت الواقع الذي ثار عليه الحسين (ع) معتقداً ان المسير لزيارة الحسين (ع) يعطيه الحق لظلم الناس وسرقتهم معتقداً ان هذا الظلم سيغفر له وأن اموال الحرام من هذه السرقات ستكون مباحة له بمجرد مسيره لزيارة الحسين عليه السلام ؛ لقد اوضح الحسين عليه السلام اهداف ثورته الكبرى في قوله)إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق(، للأسف نجد الكثير من الزائرين الذين هم من هذا الشعب ولعل اغلبهم من السياسيين ومن الموظفين في دوائر الدولة وغيرهم، لا يتوانون عن اخذ الرشوة من المواطن الفقير، ويأخذوا العمولات من مشاريع الدولة على حساب المواطن الشريف، لا يتوانون عن اختلاق اسماء الفضائيين سالبين اللقمة من افواه الارامل والايتام لجيوبهم، لا ينصروا المواطن الضعيف، ويكذبوا في تعاملهم مع الناس ولا يخلصوا في عملهم، ثم يتصورون ان كل ذنوبهم تلك ستغفر بمجرد مسيرهم لزيارة الحسين عليه السلام، إن الذين يفعلوا تلك الافعال والآثام ويصرون عليها غير مستغفرين منها ولا نادمين لأنهم في كل عام يسيرون باتجاه الحسين عليه السلام معتقدين ان الحسين (ع) سيكون شفيعاً لهم للتجاوز عن ذنوبهم وظلمهم للناس وسرقاتهم من دون التوبة منها؛ فهنا ستغدو الزيارة سبباً ليس لتحقيق الاهداف التي ارادها الحسين (ع) بل ستكون سبباً لرفض الاهداف التي ارادها الحسين (ع) وسبباً في تثبيت المنكر الذي ثار عليه الحسين (ع)، ستكون سبباً للتمادي في اخذ الرشوة، وسبباً للتمادي في احتساب العمولات على حساب مصلحة المواطنين، وسبباً لظلم المواطنين الشرفاء والتحايل عليهم وسرقتهم وسرقة احلام اطفالنا وطموح شبابنا، ففي هذه الحالة ستكون زيارة الحسين عليه السلام أشبه ما تكون بصلاة الساهين وستكون نتيجة هذه الزيارة هي الاثم والعقاب في الآخرة، لذلك انصح هؤلاء الناس ان يبقوا في بيوتهم ويسيروا على نهج الحسين عليه السلام في رفض الفساد ومقارعته وأن لا يسيروا اليه بأرجلهم ويخالفوا نهج الحسين (ع) بسلوكهم وتصرفهم، فالصنف الاول سينالوا شفاعة الحسين عليه السلام وان بقوا في بيوتهم، والصنف الثاني لن يزدادوا في مسيرهم نحو الحسين عليه السلام إلا إثما وذنباً وضلالاً وابتعادا عن طريق الحق وستكون عاقبته الابتلاء في الدنيا والعقاب والعذاب الشديد في الآخرة.
” عجِبتُ لِمْن لا يجِدُ قُوتَ يوْمِهِ كيْفَ لا يْخرِجُ على النّاسِ شاهِراً سيْفَهُ ” كيف يجب التعامل مع هذه التظاهرات؟
” عجِبتُ لِمْن لا يجِدُ قُوتَ يوْمِهِ كيْفَ لا يْخرِجُ على النّاسِ شاهِراً سيْفَهُ “
كيف يجب التعامل مع هذه التظاهرات؟
هذه المقولة لأبي ذر الغفاري رضوان الله عليه الذي قال بحقه الرسول عليه افضل الصلاة والسلام (ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر) ولعل البعض ينسبها الى علي ابن ابي طالب عليه السلام ولكن ابي ذر جهر بها في بلاد الشام في دعوة للفقراء للخروج على معاوية ابن ابي سفيان الذي استأثر بفيء المسلمين فكانت هناك فئة مترفة موغلة بالفساد بما اغدق عليهم معاوية من السرقات من بيت مال المسلمين وفئة موغلة في الفقر من عامة الناس لا حول لهم ولا قوة.
التأريخ يعيد نفسه، ولكن هل هي حكومة عادل عبد المهدي من اوصلت البلد الى هذه الحالة المزرية؟ وهل هي الحكومة فقط؟ الجواب: (كلا)، نعم الاخ عادل عبد المهدي لعله مسؤولاً خلال هذه السنة من عمر الحكومة بالتقصير في القضاء على الفساد والموافقة على اشراك بعض الفاسدين في حكومته فضلاً عن ضعف الاداء الحكومي خلال هذه السنة؛ لقد اكبرت السيد عادل عبد المهدي عند اول تشكيل حكومته عندما قال: (استقالتي في جيبي) مهدداً بها المفسدين من الطبقة السياسية إن اصروا على إشراك المفسدين في حكومته؛ ولكنه للاسف الشديد اضطر في آخر المطاف أن يخضع لإرادة المفسدين ويمزق ورقة استقالته.
ومع كل ذلك فإني والشعب العراقي لا زلنا نتذكر موقف السيد عادل عبد المهدي عندما استقال من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية مع تمسك الآخرين بمناصبهم التي ليسوا اهلاً لها؛ فإن كانت مسؤولية السيد عادل عبد المهدي محدودة بتقصيره خلال هذه السنة فمن هو المسؤول عن ايصال الوضع الى ما هو عليه الآن؛ استطيع ان اقول وبكل ثقة ان المسؤولين عن واقعنا اليوم هم اغلب الفئة السياسية التي حكمت البلد منذ عام 2003 حتى يومنا هذا من رؤساء وزارات إلى وزراء إلى اعضاء مجلس النواب إلى رؤساء الكتل السياسية الى الدرجات الخاصة والآلاف من الفاسدين العاملين في دوائر الدولة على كافة المستويات؛ ولكن السيد عادل عبد المهدي قد جاء الي الحكم عندما بلغ السيل الزبى؛ لقد جاء بخطة طموحة وحاول جاهداً تحقيقها، ولكن الامر يحتاج الى جهود جبارة خلال هذه الفترة الزمنية لتحقيق ما كان يصبو اليه؛ وبخلافه سيتحمل تبعات وآثار هذه الستة عشر عاماً ……
إن السيد عادل عبد المهدي امام مفترق طرق؛ إما ان يتخذ موقفاً شجاعاً فيضرب الفاسدين بيد من حديد وليكن ما يكن، ثم يستطيع ان يحقق خطته الطموحة؛ وفي هذه الحالة سيجد اغلب المواطنين الجيدين سيقفون الى جانبه، أما طريق مواجهة التظاهرات بهذه الطريقة فإن هذا سيفقده القاعدة الشعبية التي يمكن ان تسنده في تحقيق خطته الطموحة؛ وسيعجل في انهاء حكومته ولن يتمكن من تحقيق الاهداف التي كان يطمح اليها عند اول تصديه لموقع رئاسة مجلس الوزراء ……
أخي العزيز السيد عادل؛ إن كان هناك شخص واحد استطيع ان افخر به في وزارتك فهو وزير الصحة المستقيل الدكتور علاء العلوان، للأسف عدم قدرتك لإسناده دليل على عدم قدرتك لمواجهة الفساد والمفسدين؛ اما المتظاهرين فإنهم متظاهرون سلميون لا يجوز بأي شكل من الاشكال مواجهتهم بهذه الطريقة، نعم إن كان ضمنهم اناس مندسين فيجب تشخيصهم وأعتقالهم لاحقاً ولا يجوز استخدام الرصاص الحي او خراطيم المياه الساخنة او القنابل المسيلة للدموع؛ كان يجب ان تستخدم خراطيم المياه لاطفاء الحرائق التي اثارها المندسين، اما الرصاص فلا يجوز استخدامه إلا لمواجهة الارهابيين من امثال داعش والقاعدة، وأما القنابل المسيلة للدموع فلا يجوز استخدامها إلا ضد عصابات الخطف والمخدرات ومن لف لفهم؛ لقد حدثت تظاهرات بسبب مقتل شخص اسود من قبل الشرطة البريطانية بطريق الخطأ عام 2011 فانطلق المتظاهرون في منطقة ايلينك في وسط لندن من البيض والسود لفترة ثلاث ايام معترضين على هذا العمل، وقامت فئة من السيئين باقتحام الكثير من المحلات التجارية وتم تكسيرها وسرقتها واقتحمت الكثير من البيوت واعتدي على اهلها واحرقت السيارات، فلم تقم الشرطة بمواجهتهم او اعتقالهم بل قامت بتصويرهم وبعدها تم القاء القبض على من قام بالسرقة والتكسير والحرق، وتم محاكمة الشرطي الذي كان مسؤولاً عن القتل، فانتهت الامور بسلام تام ومن دون اي تداعيات اخرى؛
أمل من قواتنا الامنية والمسلحة ان تتعامل بمستوى المسؤولية بحق ابناء بلدهم من المواطنين الذين يمتلكون كامل الحق في التظاهر ضد اغلب الفئة السياسية الفاسدة التي اوصلت البلد الى هذا الوضع المزري وضد سياسات الحكومة العاجزة على القضاء عن المفسدين وتوفير فرص عمل شريفة للكثير من ابناء شعبنا من الخريجين وغيرهم، ليس بطريق تعيينهم في دوائر الدولة لزيادة ترهلها بل توفير مجالات وفرص حقيقية ومدروسة ومخطط لها بشكل صحيح للاستثمار وتذليل العقبات الحقيقية للقطاع الخاص، وتوفير فرص العمل للملايين من الشباب العاطلين عن العمل وبمختلف مستوياتهم العلمية ومختلف تخصصاتهم ……
محمد توفيق علاوي