هل يمكن إنقاذ إقتصاد العراق من خلال البنك المركزي

صورة العراق

(نصائح صادقة لمحافظ البنك المركزي الحالي السيد علي العلاق لإنقاذ الوضع الإقتصادي – تتمة الرد على رسالة العلاق)

الفقرة رقم (7) المتعلقة بغسيل الاموال كتبت باللون الاحمر 

(الحلقة الرابعة)

إني لا أبتغي الإنتقاص منك أو ذكر سلبياتك، ولكني كما ذكرت في رسالتي الأولى لك هدفي إنقاذ البلد وتخفيف معاناة مواطنينا ألأعزاء والشرفاء وتوعيتهم، فإنهم يستحقون منا كل تضحية وكل أيثار بالغالي والرخيص لتخليصهم مما ينتظرهم من كربات ومصاعب وإبتلاءات وأيام مدلهمات فيما هو قادم منها؛ وإني أعلم إن نجاحك معناه نجاح البلد وإنقاذه وإنقاذ أهله مما يمكن أن ينتظرهم من مصير مجهول ، لذلك فإني أقترح عليك بعض المقترحات إن عملت بها كانت لك نجاح وتطور، وللبلد نهوض وإزدهار، وللمواطنين خير وخلاص وتخفيف كبير لمعاناتهم؛ إن هذه المقترحات هي غيض من فيض إن أخذت بها وفيت بجزء كبير من حق بلدك عليك وحق شعبنا الكريم علينا، وهذه المقترحات تتمثل بما يلي:

  1. أن تشكل لجنة من خيرة الإقتصاديين العراقيين من داخل العراق ومن خارجه للترتيب لدعوة لمؤتمر إقتصادي عالمي ، تدعو  فيه خيرة الأقتصاديين العالميين من مختلف المؤسسات الأكاديمية وألإستشارية الإقتصادية العالمية ومستشارين من مختلف الجهات العالمية المهتمة بالشأن العراقي بشكل عام والوضع الإقتصادي بشكل خاص، وستكون من أهم مهام هذه اللجنة إختيار ما لا يقل عن ستة شخصيات عالمية كمستشارين، إثنان متخصصان بالسياسات النقدية وإثنان متخصصان بألسياسات المالية وإثنان متخصصان بالسياسات الإقتصادية، على أن يكون لديهم خبرة واسعة في مجال تخصصهم ولعبوا دوراً متميزاً في دولهم في أوقات الأزمات المالية والإقتصادية، ويمكن التعاون مع الجهات العالمية  المختلفة التي سنذكرها أدناه وإستشارتهم لتشخيص هذه الشخصيات، وتدفع لهؤلاء مبالغ مجزية لعمل دراسات بشأن الوضع الإقتصادي في العراق وإحتمالات المستقبل وكيفية الخروج من الأزمة بأقل الخسائر، وتتولى اللجنة العراقية تزويدهم بكافة المتطلبات من كافة الجهات الرسمية وغير الرسمية في العراق.
  2. تتولى هذه اللجنة دراسة كافة مهام المنظمات العالمية التي يمكنها مساعدة العراق في أزمته الحالية ودراسة واقع كل منظمة والمجالات التي يمكنها أن تخدم العراق في هذا الوضع، ويتم التواصل بهذه المنظمات من خلال السفارات العراقية والملحقات التجارية العراقية الكفوءة ( حيث للأسف الكثير منها تفتقد لوجود الكادر الكفوء بسبب الفساد في إختيار من يمثل العراق في مؤسساته خارج العراق وفي المحافل الدولية ) ويتم اللقاء الشخصي بهذه المنظمات والتحاور معهم لكيفية مساعدة العراق في أزمته، وتوجه دعوات لهم لحضور المؤتمر ألمزمع إقامته. ومن هذه المنظمات على سبيل الذكر وليس الحصر منظمات الأمم المتحدة المختلفة والتي لها جنبة إقتصادية، والبنك الدولي والجهات الأربعة المرتبطة به والتي أنشأت  كل واحدة منها لأهداف مختلفة كهيئة التنمية الدولية والمنظمة الدولية للتمويل والوكالة الدولية لضمان الإستثمار والمركز الدولي لمنازعات الإستثمار والتي يمكنها إفادة العراق في الميادين الإقتصادية المختلفة ، وصندوق النقد الدولي، والمنظمة الأوربية للتعاون الإقتصادي والتنمية، ومنظمة التجارة العالمية، والمعهد الدولي للتمويل، وغرفة التجارة العالمية، والمركز العالمي للتجارة، والمنظمة الإقتصادية للتعاون والتنمية، ومنتدى الإقتصاد العالمي، وغيرها من المنظمات الدولية التي يمكن أن تقدم المشورة وألدعم للإقتصاد العراقي والوضع المتدهور في العراق.
  3. المؤتمر المزمع إقامته يمكن أن يستمر لثلاثة أيام، ثم يتبعه ورشة عمل لفترة لا تقل عن أسبوع يتم دعوة مختلف الجهات الحكومية ذات الشأن الإقتصادي، من وزارة المالية إلى التخطيط إلى النفط والصناعة والزراعة والري والتجارة وهيئات الإستثمار وممثلين عن مجالس المحافظات.
  4. تتولى الشخصيات ألإستشارية العالمية المكلفة بعمل السياسات المختلفة بتطوير مقترحاتها إستناداً إلى المؤتمر وإلى ورشة العمل  اللاحقة، ويقدم هؤلاء توصياتهم الموحدة، حيث من المحتمل أن يكون هناك تضارب بسبب إختلاف التخصصات، فيجب الوصول إلى مقترحات موحدة تأخذ بنظر الإعتبار كافة العناصر المؤثرة لوضع سياسات نقدية ومالية وإقتصادية متناغمة ومتكاملة من أجل النهوض بالبلد وتحصينه من مستقبل مجهول وخطير ينتظره ويمكن أن نقع فيه؛ لو نجحت في إقامة مثل هذا المؤتمر وتمكنت من وضع التوصيات الصحيحة لإنقاذ البلد، وعملت بها كمحافظ للبنك المركزي فضلاً عن الحكومة، فسيخلد إسمك في التأريخ وسيخلد إسم كل من ساهم في هذه الخطة وكان له دور في إنقاذ البلد من مستقبل خطير ينتظرنا إذا ما عجزنا عن توفير الحلول اللازمة في الوقت الملائم .
  5. تشكل لجنة متابعة لتنفيذ التوصيات، ويتم الدعوة للقاء بين أصحاب الشأن بشكل دوري (حوالي مرة كل ثلاثة أشهر) لمتابعة التطورات والإنجازات والمعوقات والتغيرات الحاصلة والتوقعات المستقبلية، كما يدعى إلى نفس المؤتمر بعد سنة لتقييم التجربة ومتابعة الإنجازات ووضع توصيات جديدة .
  6. لم يتم إختيار هذا العدد الكبير نسبياً كستة شخصيات إستشارية عالمية أو هذه الجهات المتعددة عبثاً، فألتوقعات ألمستقبلية للتغيرات ألإقتصادية لا تنطبق عليها المعادلة (١+١=٢)، لكثرة العناصر المؤثرة وصعوبة التنبوء وصعوبة التخطيط، فعلى سبيل المثال قبل بضعة أيام تعطلت ما سمي (بصفقة العصر) وهي شراء شركة آليرغان (Allergan) ألإيرلندية من قبل شركة فايزر (pfizer) ألأمريكية لصناعة الأدوية وإندماجهما بمبلغ مقارب ل(١٦٠) مليار دولار أمريكي بسبب قرار الرئيس ألأمريكي أوباما بإتخاذ إجراءات جديدة بشأن التهرب الضريبي وصدور التعليمات الضريبية الجديدة بهذا الشأن، وتكبدت شركة فايزر مبلغ (١٥٠ ) مليون دولار كمصاريف أثر توقف هذه الصفقة التي إستغرق التهيئة لها أكثر من خمسة أشهر، لقد كان شبه إجماع إن تعطيل هذه الصفقة سيؤدي إلى هبوط أسعار أسهم شركة فايزر بسبب ضياع فرصة مهمة لتحقيق أرباح مستقبلية كبيرة بعد إحتكارهما لسوق العقاقير العالمية وبسبب الخسائر التي تعرضوا لها، ولكن حدث العكس حيث صعدت أسعار أسهم شركة فايزر بشكل ملحوظ، لقد برزت تحليلات متعددة ومتباينة بشأن هذه النتائج المخالفة لكل التوقعات، ولو أردنا معرفة ألأسباب الحقيقية فيمكننا الأخذ بأكثر من تحليل ووضعها معاً لمعرفة ألأسباب الحقيقية، أمام هذا الواقع نحتاج إلى أكثر من خبير كل ينظر للمشكلة من زاوية معينة وكل يضع حلوله، إجتماع هؤلاء يمكنهم من رسم سياسات نقدية ومالية وإقتصادية أقرب ما تكون للواقع لإنقاذ البلد مما يمكن أن ينتظره من مستقبل مجهول وآثار خطيرة ومعاناة للمواطنين نخشى أن نفكر فيها لعظيم أثرها وخطر تبعاتها التي يمكن أن تكون بسوء فترة الحصار في التسعينات أو لعلها أسوء منها .
  7. بالنسبة لمزاد البنك المركزي، تطرقت في رسالتك صعوبة إلغائه وإستعاضته بفتح الإعتمادات المستندية، كما تعلم إني لم أطرح حل الإعتمادات المستندية كحل وحيد لأني أعرف مستوى تعقيدها وصعوبة تنفيذها للمعاملات التجارية الصغيرة أو المعاملات مع تركيا وايران والسعودية والاردن وغيرها من دول الجوار والدول القريبة ولذلك طرحت عليك فضلاً عن ذلك الحل الثاني وهو (الدفع عند تقديم مستندات الشحن  (Cash against documents حيث يمكن بهذه الطريقة أستيراد أي بضاعة مهما صغرت بمعاملة مصرفية بسيطة، فتبريرك ليس بعذر مقبول من أجل الإستمرار بمنهج مزاد العملة، لأنه للأسف أكرر إن أعظم الفساد وأكبر السرقات هي بسبب إستمرار مزاد العملة المشؤوم وهو عملية غسيل اموال واضحة لمصالح المفسدين وهذا ما سيفرغ إحتياطي البلد ويفقر المواطن العراقي من أجل مصالح خاصة لبعض المفسدين.
  8. كمحافظ للبنك المركزي يجب أن ينصب إهتمامك على عشرات الألوف من المواطنين الذين يعانون أشد العاناة بسبب عدم قدرتهم سحب ودائعهم من المصارف الأهلية، فقد جاءني أحدهم ولديه مبلغ يقارب الثمانين ألف دولار في أحد المصارف، وهو بحاجة ملحة لهذا المبلغ لغرض السفر للعلاج من مرض خبيث، وطلب مني أن أساعده للإتصال بهذا المصرف للحصول على أمواله؛ ألحقيقة التي يجب أن أقولها إن تلك هي مهمة البنك المركزي، يجب أن يعلن البنك المركزي عن إستعداده لدفع أي مبلغ لأي شخص أودع أمواله في أحد المصارف الأهلية ولا يستطيع الحصول إلا على جزء منها بجهد جهيد، فكما تعلم إن هناك نسبة من ودائع المودعين في البنك المركزي حيث يمكن دفع حقوق المواطنين مباشرة للمودعين من خلال البنك المركزي وأحد المصارف الحكومية كالرافدين مثلاً، إن مثل هذا ألإجراء يزيد ثقة المواطن بمؤسسات الدولة ويشعر بحق أن الدولة تعمل لأجله ولمصلحته.

هذا غيض من فيض من المقترحات التي إن وجدتك قد أخذت بها فإني مستعد للإسترسال في هذا الإتجاه خدمة لبلدنا وخدمة للمواطنين الشرفاء.

محمد توفيق علاوي

الحلقة الاولى على الرابط: https://mohammedallawi.com/2016/03/24/

الحلقة الثانية على الرابط : https://mohammedallawi.com/2016/04/03/

الحلقة الثالثة على الرابط : https://mohammedallawi.com/2016/04/06/

السرقات الكبرى من خلال الصكوك الطيارة على الرابط : https://mohammedallawi.com/2016/05/05/

الرد على رسالة السيد علي العلاق بشأن سياسته النقدية (الحلقة الثالثة)

رد على العلاق بشأن سياسته ٢

(السياسة النقدية للسيد علي العلاق المحافظ الحالي للبنك المركزي) (الحلقة الثالثة)

ذكرنا في الحلقة السابقة المحاور الستة التي تمثل السياسة النقدية للدكتور سنان الشبيبي مع ذكر نجاحاته وإخفاقاته، أخي السيد علي العلاق، لقد قرأت رسالتك أكثر من مرة والتي تحوي على الكثير من التفاصيل، وبها بعض الإنجازات التي تشكر عليها وسأذكرها في الحلقات القادمة، كما إنك دافعت عن الكثير من الإجراءات التي إتخذتها والكثير من أقوالك صحيحة وسأثبت بعضها الآن وفي الحلقات القادمة إن شاء ألله، لكن موضوع هذه الحلقة هو السياسة النقدية ؛لا أخفيك سراً إنني حاولت أن أوجد لك معالم لسياسة نقدية ما بين سطور رسالتك، ولكني للأسف الشديد أقولها وبألم أنك لا تمتلك إلا النزر اليسير مما يتعارف عليه كسياسة نقدية، بل إن الكثير من المحاور التي ذكرتها أنا في الحلقة السابقة والتي تمثل السياسة النقدية للدكتور سنان الشبيبي إنقلبت إلى سياسات سلبية نقيض ما حققه الدكتور سنان الشبيبي، فالحفاظ على سعر ثابت للعملة إنتهى، نعم قد لا يكون السبب أنك لست متخصصاً في المجال المصرفي فحسب ولكن تدهور أسعار النفط العالمية، أما إحتياطي البنك المركزي فقد تم هدر ما يقارب نصف الإحتياطي خلال سنتين من توليك المنصب، ومن دون وجود سياسة نقدية حكيمة فسينتهي كامل الأحتياطي خلال فترة بسيطة وسينهار الدينار العراقي وسينهار الإقتصاد العراقي وسيعاني المواطن العراقي معاناةً قد تشابه معاناته خلال فترة التسعينات في فترة الحصار على العراق، وإنك تفتقر لسياسة توحيد السعر بين البنك المركزي وسعر السوق، بل إن الفرق قد بلغ أرقاماً قياسية لم يشهد لها العراق مثيلاً منذ عام ٢٠٠٣، حيث كان الفارق خلال ثمان سنوات منذ عام ٢٠٠٣ حتى أواسط عام ٢٠١١ لا يتجاوز النقطتين بعد إحتساب عمولة البنك، أما الفرق الآن فقد تجاوز التسعين نقطة وهو بإزدياد بشكل يومي، ومعناه إن السرقات قائمة على قدم وساق مع هذه المعاناة العظيمة للمواطن الشريف في يومنا الحالي،  كما إن الثقة التي تولدت في عهد دكتور سنان بالمصارف الأهلية فقدت في يومنا الحالي، وبدأ الناس يفزعون من إيداع أموالهم في المصارف الأهلية العراقية، بل أخذوا يستلمون ودائعهم بالقطارة من المصارف الأهلية، والبنك المركزي لم يتخذ أي خطوة في الدفاع عن حقوق المواطنين للأسف الشديد، وكأنه ليس المسؤول الأول عما يحصل في الكثير من المصارف الأهلية حيث الطوابير بألعشرات من المواطنين وكأنهم لا يطالبون بأموالهم وحقوقهم وإنما أصبحوا هم المعتدين والبنك الأهلي هو صاحب الفضل عليهم في إعطائهم أموالهم !!!!!!!، وألحقيقة  فإن هذه مفارقة عجيبة وغريبة إنفرد بها العراق الجديد، فأي مصرف في العالم إذا عجز يوماً واحداً عن دفع أموال المودعين يعلن البنك المركزي إفلاسه، وهذا ما حدث لبنك أنترا في لبنان عام ١٩٦٦ حيث زادت إستثماراته العينية على حساب السيولة التي يجب أن يوفرها، وعندما عجز يوماً عن الإستجابة لمتطلبات المودعين أعلن البنك المركزي اللبناني إفلاسه، مع العلم إن موجودات البنك من السيولة المالية ومن  الموجودات العينية تفوق إيداعات المودعين لأنه من غير المسموح عالمياً أن يتوانى البنك أو يتأخر ولو لمقدار بسيط من الوقت في دفع ودائع المودعين، لأنه بخلافه يفقد البنك مبرر وجوده بتخليه عن وظيفته الأساسية. أما بالنسبة لزيادة أسعار المواد الغذائية والسلع الضرورية فقد إنعكس ذلك سلباً بشكل كبير على المواطن بسبب الفرق الكبير بين سعر الدولار المعروض من قبل البنك المركزي وسعر الصرف الموازي في السوق وما يعني ذلك من زيادة الأعباء وبالذات على كاهل المواطن الشريف الذي لا يقبل على نفسه أخذ الرشوة والفساد والإفساد والتمتع بأموال الحرام التي غدت وللأسف الشديد الثقافة السائدة للكثير من السياسيين والعاملين في دوائر الدولة اليوم، لقد قلت أن التضخم هبط في وقتك إلى ٢٪ وهي نسبة متميزة، ولكني أقول لك، إن إنخفاض التضخم لا يكون بالضرورة مؤشراً إيجابياً،  نعم بالتأكيد إن إنخفاض التضخم نتيجة لسياسة نقدية مدروسة من قبل ألبنك المركزي بهدف تقليل حجم السيولة وتقليص الكتلة النقدية مؤشر إيجابي ودليل على نجاح السياسة النقدية للبنك المركزي، أما إذا كان إنخفاض التضخم بسبب ظرف خارجي وقاهر، كما هو الحال الآن في العراق، حيث تقلصت  موارد البلد وفرضت سياسات تقشفية من قبل الدولة، وتقلصت المعاشات وفرضت تكاليف ورسوم أخرى على المواطن، وهاجر المواطنون خارج البلد، وعرضوا مساكنهم للبيع أو الإيجار بأبخس الأثمان، فإنخفضت أسعار العقارات، وإنخفضت ألإيجارات، وكم تعلم فإن وزن الإيجارات يأتي بالدرجة الثانية بعد وزن المواد الغذائية عند إحتساب التضخم، فكان إنحسار التضخم بسبب إنكماش الإقتصاد، وهذه الحالة مؤشر سيء، ويمكنك أن تسأل الكثير من الأقتصاديين ممن هم حولك في البنك المركزي إن كان هذا الهبوط نتيجة لسياسات غير موجودة أصلاً لدى البنك المركزي أو بسبب إنكماش الإقتصاد، فسيخبروك الحقيقة، للأسف لا يمكنك في هذه الحالة التباهي بإنخفاض التضخم، بل على العكس ذلك دليل التدهور وإفتقار المواطن وزيادة معاناته.

أخي العزيز قلت لي أن أسأل، صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومنظمة العمل المالي، والخزانة الامريكية، والبنك الاحتياطي الفدرالي، وديوان الرقابة المالية، ومكتب التدقيق العالمي بشأن كفائتك، وألحقيقة أنا لم أطلب من الدكتور العبادي غير أن يطلع على مقابلتك مؤخراً مع (Osgood)، فضلاً عن ذلك فإني ذكرت في الإعلام أن بريطانيا بعظمتها وعظمة جامعاتها إختارت رجلاً غير بريطاني   (Mark Carney) وهو رجل كندي لتعيينه كمحافظ لبنكها المركزي (Governer of Bank of England) لأهمية هذا الموقع وأهمية الشخص ألذي يتسنم هذا المكان، ولا أريد هنا في هذا المجال أن أشكك بكفائتك، ولكن أقول بأنك تعلم حق اليقين أن هناك من العراقيين من هم أكفأ منك بكثير في هذا المجال وأحق منك بهذا الموقع، كما أقول بشأن مقابلتك مع (Osgood) إن الذي إستنتجته من مقابلتك ليس إنتقاصاً لك ولكنك قد لا تمتلك الرغبة لمتابعة التطورات الإقتصادية والتحليلات الإقتصادية، ونصيحتي لك أن تشكل لجنة لتزويدك بشكل يومي بتقرير لأهم التطورات الإقتصادية والتحاليل الإقتصادية المهمة في العالم والتي لها إنعكاسات على الوضع الإقتصادي العراقي، وتعتمد على  هذا التقرير قبل إجرائك أي مقابلة صحفية عالمية، بل تعتمد على هذا التقرير لرسم الأسس التي يجب إعتمادها لوضع سياسة نقدية سليمة وواضحة للبلد.

لقد زرت البنك المركزي العراقي عام ١٩٧٧ عندما كنت طالباً ضمن إطروحتي الجامعية المرتبطة بهذا لأمر لأطلع على مصادر ألمعلومات ألإقتصادية التي  يعتمدها البنك المركزي في ذلك الوقت، فوجدت قاعة كبيرة يتوسطها جهازي (تلكس) وكان أحد هذين الجهازين شغال بشكل مستمر وأطلعت على مضمون المعلومات فكانت رسائل إخبارية قصيرة أغلبها من وكالة (رويترز)، فطلبت من المسؤول إمكانية أخذ صورة لهذه الرسائل، فقام هذا المسؤول بإقتطاع عدة أمتار من آخر الأخبار وأعطاني أياها، فسألته إن كان يريد النص الأصلي حيث المعلومات تطبع بأكثر من (  Copy )، فقال لي إننا نرمي هذه المعلومات ولا نحتاج منها لغير جزء صغير وهو أسعار العملات العالمية المختلفة بالنسبة للدولار فضلاً عن أسعار المعادن الثمينة ونصدر من هذه الأسعار نشرة دورية باللغة العربية، هذا الوضع كان قبل أربعين عاماً، وأخشى إن البلد لم يتغير وضعه كثيراً  الآن، ولكن اليوم تتوفر كافة المعلومات والتحاليل الإقتصادية لكل من يملك جهاز حاسوب، وهناك العشرات من الخريجين المتميزين بقدراتهم وإمكانياتهم، وبإمكانك بكل سهولة تشكيل فريق من هؤلاء لتقديم خلاصة الأخبار والتحليلات الإقتصادية وإصدار نشرة دورية توزع على جميع المؤسسات الإقتصادية ومجلسي النواب ورآسة الوزراء وتتبنى هذه التقارير لرسم سياسة نقدية ومالية وإقتصادية سليمة تنقذ البلد من الوضع المتردي الذي نحن فيه.

أهم ما يجب أن يميز البنك المركزي هو المهنية، وإن كنت لا أستطيع ضمن هذه العجالة أن أسأل الجهات التي طرحت أسماءهم للأخذ برأيهم بك كما طلبت، والحقيقة فإني لا أحتاج لذلك فأنا أستطيع أن أقيم البنك المركزي من خلال تقييم أدائه وإنعكاس هذا الأداء على الوضع الإقتصادي للبلد، ولكني أقول وإن كان هناك إفتقاد لسياسة نقدية بناءة، فإن البنك المركزي يمكنه أن يتعامل بمهنية وإستقلالية؛ لقد بلغني من إحدى الجرائد العراقية الواسعة الإنتشار (كل الأخبار) أنهم بعد أن قاموا بنشر رسالتي الموجهة إلى رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي وألتي فيها إشارة واضحة إليكم، قام البنك المركزي بأيقاف إعلاناته فيها؛ أأمل أن لا تكون هذه سياسة متعمدة، وأأمل أن يكون هذا الإجراء إجراءً فردياً وغير متعمد وليس بقرار منكم، لأنه بخلافه معناه أن البنك المركزي يفتقد المهنية والإستقلالية وهي من أهم خصائصه، لا أريد أن أستبق الأحداث فلعل إجراءً خاطئاً قد أتخذ ومن دون علمك.

إني لا أبتغي الإنتقاص منك أو ذكر سلبياتك، ولكني كما ذكرت في رسالتي الأولى لك هدفي إنقاذ البلد وتخفيف معاناة مواطنينا ألأعزاء والشرفاء وتوعيتهم، فإنهم يستحقون منا كل تضحية وكل أيثار بالغالي والرخيص لتخليصهم مما ينتظرهم من كربات ومصاعب وإبتلاءات وأيام مدلهمات فيما هو قادم منها؛ وإني أعلم إن نجاحك معناه نجاح البلد وإنقاذه وإنقاذ أهله مما يمكن أن ينتظرهم من مصير مجهول ، لذلك فإني أقترح عليك بعض المقترحات إن عملت بها كانت لك نجاح وتطور، وللبلد نهوض وإزدهار، وللمواطنين خير وخلاص وتخفيف كبير لمعاناتهم؛ إن هذه المقترحات هي غيض من فيض إن أخذت بها وفيت بجزء كبير من حق بلدك عليك وحق شعبنا الكريم علينا، وهذا ما سأتناوله في الحلقة القادمة إن شاء ألله .

إني إنطلق في تقييم الآخرين دائماً من قوله تعالى (ولا تبخسوا الناس أشياءهم)، وإنك وإن كان يبدو مما تطرقت إليه أنا الكثير من السلبيات، ولكن من متابعتي لأمور البنك المركزي إطلعت على الخطوات التي أتخذت في مقارعة درجة عالية من الفساد بسبب ما يعرف ب (الصكوك الطيارة) وقد وجدت أنك قد حققت إنجازاً كبيراً في هذا المجال وهذا ما سأتحدث به بالتفصيل في الحلقات القادمة إن شاء ألله.

الحلقات السابقة ورسالة السيد علي العلاق على الموقع : mohammedallawi.com  تحت باب ( انقاذ الاقتصاد العراقي من انهيار حتمي )

السياسة النقدية بين الدكتور سنان الشبيبي والسيد علي العلاق (الحلقة الثانية)

Money 2

السياسة النقدية  بين الدكتور سنان الشبيبي والسيد علي العلاق

(تتمة الرد على رسالة السيد علي العلاق محافظ البنك المركزي – الحلقة الثانية)

سأدون هذا الموضوع بصراحة تامة وسأتطرق إلى إنجازاتكما كليكما وإخفاقاتكما من دون مجاملة، ولذلك أطلب مرة أخرى من كليكما التعامل بروح رياضية مع ما سأقوله بهدف الوصول إلى وضع الأسس الصحيحة للتخطيط لسياسة إقتصادية سليمة لتلافي الآثار السلبية لما سيواجهه البلد من ظروف إقتصادية صعبة بسبب قلة الموارد وكثرة الإلتزامات في هذه المرحلة العصيبة من أجل النهوض بألبلد وإنقاذ المواطن من معاناة كبيرة بدت تبرز ملامحها، بل وضع السياسات التي يمكن أن تنعش حياة المواطنين وتجعلهم يعيشون في رغد من ألعيش وسعادة ورخاء، وتجعل الوطن متجهاً نحو التقدم والتطور والإزدهار، وذلك ليس ببعيد، فدول  في المنطقة مثل ألأردن ولبنان وتركيا تبرز فيها معالم التطور والتقدم والإزدهار مع العلم إن هذه الدول لا تمتلك حكوماتها عشر ما يمتلكه العراق من موارد طبيعية كتركيا مثلاً بل أقل من واحد بالمئة من الموارد الطبيعية لما يمتلكه العراق بالنسبة لما تمتلكه ألأردن ولبنان، كل ذلك يرجع إلى وضع السياسات الإقتصادية والنقدية الصحيحة للبلد من دون هدر أو فساد أو تبذير، وحتى وإن وجد بعض الفساد فلا يمكن مقارنة ذلك بما يحدث في العراق.

(السياسة النقدية للدكتور سنان الشبيبي)

يرجع الفضل الكبير لكثير من جوانب التطور في النظام المصرفي العراقي والسياسة النقدية في يومنا الحالي إلى الدكتور سنان الشبيبي مع وجود إخفاقات يجب التطرق إليها كما سنتناوله أدناه.

إن اكبر إنجاز حققه الدكتور سنان الشبيبي هو إنشاء نظام مصرفي متطور أستطيع أن أقول من نقطة الصفر لنظام إقتصادي حر مع فتح المجال لقيام مجموعة من المصارف ألأهلية وتصريف العملة بشكل حر وحرية التحويل وفتح الإعتمادات والمقاصة الألكترونية ضمن سوق مفتوح مقارنة بألنظام المصرفي المركزي الإشتراكي السابق، لقد تمثلت السياسة النقدية التي وضعها الدكتور الشبيبي  بستة محاور مهمة سنتناولها أدناه، وهي:

  1. الحفاظ على سعر ثابت للعملة مقارنة بالمرحلة السابقة التي كانت العملة فيها تتدهور قيمتها يوماً بعد يوم من دون وجود محددات، لقد ثبت سعر العملة بمقدار مقارب ل(١٥٠٠) دينار للدولار الواحد عام (٢٠٠٣) بعد أن كان ما يقارب (٣٠٠٠) دينار للدولار الواحد وبقي هذا السعر ثابتاً حتى عام (٢٠٠٦)، حيث تم رفع سعر  الدينار بالتدريج حتى بلغ الدولار أقل من (١٢٠٠)، لقد كان لهذا الصعود الثاني للدينار العراقي آثار سلبية على الصناعة والزراعة في العراق، فغدت المنتجات الزراعية والصناعية لدول الجوار أرخص من مثيلاتها في العراق، لقد تحدثت مع الدكتور سنان الشبيبي بهذا الشأن فكان جوابه لي أنه مسؤول عن السياسة النقدية، أما تبعات مستلزمات النهوض للقطاع الصناعي والزراعي فهو يقع ضمن السياسة  الإقتصادية للبلد وليس ضمن السياسة النقدية، والسياسة الإقتصادية للبلد يجب أن توضع من قبل الحكومة، وليس هنالك من وجود في العراق لمفهوم ألسياسة ألإقتصادية للبلد خلال الفترة السابقة وبالذات الثمان سنوات لحكم المالكي بل حتى الآن، بل إن رفع قيمة الدينار كان بتوجيه من الحكومة إلى البنك المركزي من دون دراسة او تخطيط أو تقدير للنتائج، قد يقبل هذا التبرير بشكل جزئي ولكن كما هو معلوم أن السياسة النقدية مترابطة بالسياسة المالية والإقتصادية، والتأثير السلبي على القطاع الزراعي والصناعي من بديهيات السياسات النقدية والإقتصادية، وهذه النقطة تحسب على الحكومة التي أتخذت هذا الإجراء، وكنت أنا جزءً من الحكومة وقد إعترضت في وقتها على هذا الإجراء، ولكن (لا رأي لمن لا يطاع) حيث كنت وزيراً للإتصالات ولا يأخذ برأيي في جانب السياسة النقدية، ولكن مع هذا نجح الدكتور سنان الشبيبي في الحفاظ على سعر الدينار العراقي، وزادت الثقة العالمية والمحلية بالدينار العراقي، وهذه كلها جوانب أيجابية لولا إجراء رفع سعر الصرف للدينار عام ٢٠٠٦-٢٠٠٧ والذي تتحمل الحكومة المسؤولية ألأكبر على هذا الإجراء فضلاً عن مسؤولية الدكتور سنان الشبيبي ولكن بدرجة أقل.
  2. إتخاذ سياسة لإيجاد وتأمين إحتياطي البنك المركزي كغطاء للعملة العراقية من العملات الأجنبية والذهب والمحافظة عليه، لقد إستطاع الدكتور سنان الشبيبي توفير مبالغ تجاوزت الثمانين مليار دولار كإحتياطي وغطاء للدينار العراقي خلال تسع سنوات من توليه إدارة البنك المركزي، وهذا يعتبر من أهم إنجازات الدكتور سنان الشبيبي على الإطلاق،  لقد تم للأسف الشديد هدر ما يقارب نصف هذا المبلغ بسبب السياسات غير المدروسة خلال السنتين السابقتين.
  3. إتخاذ الإجراءات الضرورية من أجل إنشاء منظومة مصارف أهلية عراقية، حيث كان القطاع المصرفي العراقي يغلب عليه المصارف الحكومية ولا وجود للمصارف الأهلية إلا على مستوى ضيق ومحدود، المشكلة في العراق ليس أفتقادهم للخبرات في هذا المجال فحسب، بل عدم وجود رؤوس أموال عراقية كافية لإنشاء مصارف أهلية، فكانت سياسية الدكتور سنان عدم الطلب إبتداءً برأس مال كبير لإنشاء المصرف، وقام المصرف المركزي بمساعدة المصارف الأهلية للنهوض ولتحقيق أرباح وذلك برفع نسبة الفائدة المصرفية، ونشأت عشرات المصارف الأهلية الجديدة، ولولا إتخاذ هذه الخطوات لما كان في الإمكان نشوء مصارف عراقية بملكية عراقية، بل كان من الطبيعي أن تنشأ فروع في العراق لمصارف غير عراقية، ويعود الفضل في ذلك للدكتور سنان الشبيبي، فضلاً عن ذلك فقد أدت سياسته إلى توليد ثقة بالمصارف ألأهلية العراقية فبدأ الناس يودعون أموالهم فيها وبفوائد عالية وهم واثقون منها خلال عهده.
  4. ألحفاظ على سعر تصريف موحد بين سعر التصريف الرسمي للبنك المركزي وسعر التصريف الموازي لسوق العملة خارج المصرف المركزي مع فرق عمولة بسيطة تحسب بشكل طبيعي للمصرف كما هو في دول العالم المختلفة، لقد إستطاع الدكتور سنان الحفاظ على هذا الواقع منذ توليه للمسؤولية عام ٢٠٠٣ حتى أواسط عام ٢٠١١ حيث زاد الطلب بشكل غير طبيعي على الدولار بسبب الحصار الذي فرض على أيران وبسبب الأحداث الدموية في سوريا، لقد كان المطلوب من إدارة البنك المركزي أن توفر الدولار حسب حاجة السوق لئلا يستفاد المضاربون ومن لهم سلطة من السياسيين ومن يدفعون الرشاوي العالية للحصول على أكبر نسبة من الدولارات لتصريفها في بالسعر الموازي خارج البنك المركزي بأرباح كبيرة، وهذه الأرباح تحسب على حساب المواطن، فيشتري الفاسدون من السياسيين ومن هو محسوب عليهم الدولار بسعر قليل من البنك المركزي ، ثم يبيعوه بسعرٍ عالٍ في السوق الموازي للعملة، ثم يشتريه التجار بسعر عالٍ، فيضاف الفرق على مختلف المواد المستوردة، فيستفيد السياسيون ومن يدور في فلكهم على حساب المواطن، لقد أخبرني الدكتور سنان أن هناك توصيات من قبل بعض  أصحاب القرار العاملين في البنك أن لا يزيد العرض ولكنه طلب مني أن لا أذكر أسماءهم، وإني ألتزم بطلبه فلا أذكرهم، ولكن الدكتور سنان كان يريد أن يلغي هذا الفارق فيتوحد السعر مرة أخرى، ولكن نشأت خلال بضعة أشهر فئة إغتنت غنىً كبيراً بسبب هذا الفرق، فسعوا لإسقاط الدكتور سنان وإخراجه من البنك، وكان المالكي يرغب بإخراجه لأنه لم يستجب له بشأن القرض الذي طلبه من إحتياطي البنك المركزي، فإجتمعت رغبة الفريقين ولفقت تهم باطلة بحق الدكتور سنان الشبيبي تمت تبرئته منها لاحقاً، إن عدم وجود سعرين للدولار على الأقل خلال فترة ثمان سنوات تعتبر ميزة كبرى وإنجاز متميز لسياسة الدكتور سنان الشبيبي.
  5. السيطرة على التضخم (Inflation) حيث وصل التضخم إلى أكثر من (٥٣٪) عام ٢٠٠٦، وإستطاع الدكتور سنان بسياسته الحكيمة الهبوط بالتضخم إلى أقل من  (٣٪) عام ٢٠١٠ .
  6. دور المتابعة والتنفيذ لمقررات نادي باريس، إن نادي باريس حقق أعظم إنجاز إقتصادي ومالي للعراق خلال تاريخه المعاصر، حيث كان العراق يرزح تحت كاهل كبير من الديون بلغ حوالي (١٤٠)  مليار دولار، لقد إستطاع الثلاثي الدكتور أياد علاوي كرئيس للوزراء وألدكتور عادل عبد المهدي كوزير للمالية والدكتور سنان الشبيبي كمحافظ للبنك المركزي التحاور مع كثير من الدول التي كانت لديها ديون باهضة  بحق العراق إلى التنازل بمقدار حوالي ٨٠٪   من تلك الديون، أي إنهم إستطاعوا توفير مبلغ  أكثر من (١٠٠) مليار دولار، للأسف تذكر الآن السرقات الكبرى، ولكن لا يتم التطرق للإنجازات الكبرى التي تعادل السرقات في أهميتها ولكن بشكل معاكس، صحيح إن دور الدكتور سنان الشبيبي لم يكن سياسياً حيث كان للدور السياسي الفعل الأكبر في إسقاط هذا المقدار من الديون الكبيرة على العراق متمثلاً بالدكتور أياد علاوي بالدرجة الأولى والدكتور عادل عبد المهدي بالدرجة الثانية ومن ثم الدكتور سنان الشبيبي كمتابع وتنفيذي لهذه المقررات، يجب أن لا ينسى الشعب العراقي ما حققه هذا الثلاثي من خدمة كبيرة جداً للوطن وللمواطن، وهو نقيض ما سرقه السياسيون اللاحقون من أموال هذا الشعب المستضعف.

(سنتناول في الحلقة القادمة السياسة النقدية للسيد علي العلاق محافظ البنك المركزي الحالي)

كما يمكن الاطلاع على باقي الحلقات في موقع mohammedallawi.com تحت باب ( انقاذ الاقتصاد العراقي من انهيار حتمي )

الرد على رسالة الأخ السيد علي محسن العلاق المحترم (الحلقة الأولى)

Bank 6ألأخ ألسيد علي العلاق المحترم

ألسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحلقة الأولى

شكراً على رسالتك التوضيحية، وهذا ما كنت أأمله منك قبل أكثر من عام لإثراء النقاش في هذا المجال لتقديم الخطط من قبل  كافة المهتمين بهذا القطاع الإقتصادي المهم في هذه المرحلة الخطيرة والمفصلية في تاريخ العراق لحماية البلد من إنهيار إقتصادي له آثار مدمرة ليس على الوضع ألإقتصادي العام للبلد، بل على الوضع المعيشي للفرد العراقي ودخل الأسرة العراقية بشكل خاص وإنعكاساته على الأوضاع السياسية والعسكرية والخدمية والإجتماعية لمختلف القطاعات من سكنية وتعليمية وصحية وزراعية وصناعية…. الخ

كما تعلم إني لم أتطرق إلى هذا الموضوع بسبب خلاف شخصي معك، وإنما العراق هو بلدنا، بلد آبائنا وأجدادنا، وبلد أهالينا ثم بلد أبنائنا وأحفادنا، والدفاع عنه وحمايته وألإهتمام بأهله مسؤولية كل إنسان شريف يقدم المصلحة العامة على مصالحه الخاصة، ومن هذا المنطلق تصديت لهذا الأمر وتحدثت في الإعلام وكتبت عدة مقالات، وقد أطلعت على رسالتك التي تحوي على الكثير من الحقائق، وإني في ردي على ما ذكرته من الفقرات لا أبتغي الرد نقطة بنقطة بهدف الدفاع عن وجهة نظري قبال وجهة نظرك، فهذا جدال عقيم لا طائل منه، بل أبتغي من ردي إنضاج منهج إقتصادي ونقدي للتخفيف من ألآثار  المتوقعة بسبب الظرف الصعب الذي سنواجهه كنتيجة طبيعية لتقلص موارد البلد بسبب ألإنخفاض الكبير بأسعار النفط العالمية وإنعكاساته الخطيرة على مستقبل البلد، كما أحب أن أؤكد على إن إنقاذ الوضع لا يعتمد على سياسات البنك المركزي فحسب، بل يجب وضع خطة إقتصادية متكاملة للبلد يجب أن تشترك الكثير من مؤسساته للنهوض بالواقع الإقتصادي للبلد وإمتصاص الآثار الخطيرة للإنخفاض العالمي لأسعار النفط وهنا سيعلب البنك المركزي دوراً مفصلياً لهذه الخطة ولكن ليس دوراً خاصاً منفصلاً عن السياسة العامة وعن باقي مؤسسات الدولة.

إن الجواب على رسالتك ومناقشة فقراتها قد يستغرق عدة رسائل وهذا ما سأتناوله بالتدريج وبحلقات متتالية، لأن هذا الشأن سيكون من إهتمام الكثير من المسؤولين والمهتمين بالوضع الإقتصادي، ولعل رسالتك ومناقشة مفرداتها قد تكون منبراً لتدخل من يريد من ألإقتصاديين والمهتمين بالشأن الإقتصادي ممن يعتقدون أن لديهم القدرة في إغناء هذا الموضوع والنهوض بهذا القطاع الإقتصادي المهم بشكل خاص وشأن البلد وشأن مستقبله بشكل عام، كما أرجوا أن تتقبل نقدي (وليس إنتقادي) بروح رياضية بهدف البلوغ بالبلد لشاطيء البر والأمان من أجل المصلحة العامة للبلد، نعم قد أضطر أن أرد على بعض الفقرات خارج الموضوع الإقتصادي مما لا أرغب ولكني قد أكون مضطراً لذلك لضرورة المقام كما سيتبين فأرجو أن تعذرني.

ذكرتم أنكم أبلغتم أحد أصدقائي للحوار بشكل خاص، لم أعلم من تقصد ولم يتحدث معي أي شخص بهذا الشأن؛ قلتم أنكم لستم مفروضين على السيد العبادي، أنا لم أئت بهذه المقولة من بنات أفكاري وإنما خاطبت بها الأخ العبادي، فهو الذي قال ذلك، ويعلم لمن قاله، ويعلم من أوصل إلي هذه المقولة، فأرجو أن تسأله ليعطيك الجواب، وطبيعتي أن لا أتحدث خلاف الحق مذ علمت أن الميزان بين المؤمن وغير المؤمن هو الصدق، فإني لا أعرف أن أنطق بأمر لست متيقناً من صحته.

قلتم أنتم شخص لا ينتمي لحزب، حسب علمي أنكم كنتم من حزب الدعوة، أما إذا تركتم الحزب إنطلاقاً من مبدأ إن الإنسان العامل في الدولة يجب أن لا يكون حزبياً، فأقول بارك الله بكم فهذا ما يمكن أن نعهده من الأشخاص الذين يسعون أن لا يتحركوا عندما يتسنمون مركزاً في الدولة من منطلقات حزبية ضيقة بل يغدوا هدفهم ألإخلاص لبلدهم ووطنهم وليس لحزبهم.

ذكرتم أن مزاد البنك المركزي كان جارياً منذ عام ٢٠٠٣ فلماذا لم نعترض، كما تعلمون منذ عام ٢٠٠٣ حتى عام ٢٠١١ لم يكن هناك سعرين للدولار وإنما فرق قليل هو عمولة طبيعية للبنك، ولكن منذ أواسط عام ٢٠١١ إزداد الطلب بشكل غير طبيعي على الدولار بسبب الحصار الإقتصادي على إيران والأحداث الدموية في سوريا، ونتيجة لزيادة الطلب على الدولار بهذا الشكل صار هنالك سعران للدولار وبدأ ألفرق يزداد شهراً بعد شهر، لقد علمت في حينها خطورة هذا الوضع على إقتصاد البلد فتحدثت مع الدكتور سنان الشبيبي في أواسط عام ٢٠١٢ الذي شاركني  في الرأي، وكان رأيه أيضاً أتخاذ خطوات عملية لإزالة هذا الفرق، ولكن كما تعلم أن هذا الفرق الكبير كان سبباً لغنى بعض من إستفاد من التذبذب في العملة وهذا الفرق الكبير بين السعرين ، لذلك لم يلائمهم بقاء الدكتور سنان الشبيبي بعد أن إكتشفوا خطته الإصلاحية لأنه سيغلق الباب أمام هذه السرقات، وألسيد المالكي كما تعلم كان متضايقاً من الدكتور سنان الشبيبي بسبب رفضه لإقراض الحكومة، فإجتمعت مصلحة الطرفين السراق والمالكي، ففبركوا عليه تهم باطلة تبين براءته منها لاحقاً، الخطورة هو إستمرار هذا الفرق بين السعرين مذ خروج الدكتور سنان حتى يومنا هذا، وإستمرار السرقات.

قد ذكرتم أمور كثيرة أخرى في رسالتكم تبريراً لما ذكرته وذلك يستدعي طرح هذه المبررات ومناقشتها وهذا ما سأتناوله في الحلقات القادمة إن شاء الله.

محمد توفيق علاوي

(تتبعها الحلقة الثانية)

يمكن الإطلاع على رسالة السيد علي العلاق على الموقع التالي:  http://www.ara.shafaaq.com/62167

كما يمكن الاطلاع على باقي الحلقات في موقع mohammedallawi.com تحت باب ( انقاذ الاقتصاد العراقي من انهيار حتمي )

رسالة مفتوحة لرئيس مجلس الوزراء ألدكتور حيدر العبادي

صورة رسالة ٢

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد إستبشر الناس خيراً وأنا منهم في مؤتمرك الصحفي في 21 أيلول 2015 حينما قلتم ”نسعى إلى تحقيق الإنصاف والعدالة، ولن أتراجع عن الإصلاحات ولو كلفني ذلك حياتي“، ثم قلتم ”إن محاربة المحاصصة السياسية جزء أساسي من محاربة الفساد، لأن الولاء الشخصي أو الحزبي يؤدي إلى تقديم المقربين على حساب المهنيين“، و”هذا ظلم يدمر المجتمع ولن نسمح به“.

والآن بدأ التحرك نحو حكومة تكنوقراط، وقدمتم منهجاً من (105) صفحة؛ أخي العزيز يجب وضع خارطة طريق وستراتيجية لعمل الوزراء والوزارات ويجب تشكيل لجان تحقيقية لمحاسبة المفسدين وهذا جزء من ألإصلاح ولكن ذلك لا يتم بكتابة المناهج فحسب، لأن الإصلاح الحقيقي يتم بتنفيذ المناهج الإصلاحية، والفقرتين اللتين تطرقتم إليهما كما هو أعلاه عبارة عن منهج إصلاحي كامل، لو طبق بحذافيره لأستطعتم قيادة البلد إلى شاطيء البر السلام في هذا البحر اللجي المتلاطم من الأحداث الساخنة والمشاكل المستعصية والمآسي الكبيرة والعقبات الكؤود.

لا أخفيكم سراً إن المواطنين يتساءلون من هم المقربون من مستشاري الدكتور حيدر العبادي؟، هل هم من المهنيين أم إنهم من الحزبيين؟، هل حقاً تم تنحية الحزبيين الذين عينوا في زمن المالكي في المراكز الحساسة من وكلاء الوزارات إلى المفتشين العامين إلى رؤوساء الهيئات إلى محافظ البنك المركزي إلى المدراء العامين وحل محلهم المهنيون، أم تم تثبيت الحزبيين ولم يحل محلهم المهنيون.

ما يؤمل من حكومة التكنوقراط يجب أن تبدأ من رئيس مجلس الوزراء، أنا لا أقول يجب على رئيس مجلس الوزراء أن يتنحى ويحل محله شخص تكنوقراط، ولكن لكي يثبت رئيس مجلس الوزراء أنه رئيس يعمل للعراق ولمصلحة العراق وأن ولاؤه للوطن وليس للحزب فيجب أن يقدم ولاؤه للوطن على ولائه للحزب بشكل عملي، ولا يتحقق ذلك إلا بتركه للحزب أو بالحد الأدنى تعيين المهنيين في مكتبه وإتخاذهم كمستشارين وليس  ألإعتماد على الحزبيين من حزبه.

لقد علمت إن بعض الأشخاص وضمن مراكز معينة قد فرضوا عليك، وإني من كل هذه المراكز سأتناول مركز محافظ البنك المركزي، ليس من منطلق شخصي بل من منطلق أهمية هذا المركز في هذا الظرف ألإقتصادي الحساس  للبلد، لقد أوضحت أنا في أكثر من مقال وبرنامج تلفزيوني أن هناك سرقات يومية من خلال مزاد البنك المركزي تبلغ اكثر من اربعة ملايين دولار في كل يوم، حيث أن معدل مايبيعه البنك المركزي من الدولارات في كل يوم مزاد يتراوح بين (150) إلى (200) مليون دولار، وأن حاجة البلد للإستيراد تبلغ أقل من نصف هذا المبلغ، وإن الفرق بين سعر الشراء البالغ (1190) دينار للدولار الواحد وبين سعر السوق الذي يتراوح اليوم بين (1260) إلى (1280) دينار للدولار معناه أن هناك سرقة يومية من إحتياطي الدولار يتراوح بين (4) إلى (7) مليون دولار في اليوم، وبعملية حسابية بسيطة نكتشف أن مجمل السرقات السنوية لا تقل عن مليار ونصف المليار دولار، ولا أظن أن هناك أي سرقة في أي وزارة من الوزارات التي تم تنحية وزراءها إن سلمنا بوجود سرقات تتجاوز هذا المقدار، فإن كنت حقاً تريد محاربة الفساد فهذا الملف تحت يدك وتستطيع إيقاف هذه السرقات خلال يوم واحد وبقرار واحد كما سأتناوله أدناه.

ولكن هناك قضية أخطر من هذه السرقات بكثير؛ إن الدولة تمر الآن بوضع إقتصادي في غاية الصعوبة، فقد سرقت خلال السنين السابقة بمختلف الطرق مبالغ لا يمكن تقديرها ولعلها قد تجاوزت الثلاثمئة مليار دولار، وإن الكثير من هذه المبالغ موجودة في العراق، ويسعى السراق لتحويلها إلى خارج العراق، وإني أذكر لك هذه الحادثة التي لا بد أنك سمعت بها في بداية عام (2015) حيث حاول ثلاثة أشخاص محسوبين على جهة معينة تهريب كمية (160 ) كلغم من الذهب من خلال إحدى الطائرات في مطار بغداد الدولي، وكنت في ذلك اليوم مسافراً على نفس تلك الطائرة التي تأخرت  بسبب هذه الحادثة، لقد تم منعهم من السفر مع هذه الكمية من الذهب، ولم أعلم ما ألذي حصل بعد ذلك، ألآن بسبب سياسة البنك المركزي لا يحتاج مثل هؤلاء إلى المجازفة وإنكشاف أمرهم سواء داخل العراق أو الجهة التي سيحط رحالهم فيها، لأن البنك المركزي يوفر لهم آلية تهريب هذه الأموال وسرقتها بشكل شرعي، فلا يحتاج الأمر أكثر من قوائم مزورة يستطيع أن يشتري فيها المفسدون في كل يوم بين (75) إلى  (100) مليون دولار، ويحولونها إلى الخارج، لقد تطرق العشرات من النواب إلى هذا الواقع (من الأخ جواد الشهيلي وقضية -الدشاديش الممزقة-  إلى المرحوم ألدكتور أحمد الجلبي إلى ألسيد هيثم الجبوري إلى ألأخت ماجدة التميمي وغيرهم)، وألأنكى من ذلك إن البنك المركزي كان قبل بضعة أشهر يعطي لمن يريد تحويل الأموال إلى الخارج سعراً تفضيلياً أي (1187) دينار لشراء كل دولار يحول خارج العراق وليس (1190) لمن يريد الدولار داخل العراق، إن المبالغ السنوية التي تستنزف من إحتياطي البنك المركزي بهذه الطريقة للسراق فقط من غير التجار قد تتجاوز ال (17) مليار دولار، وهذه العملية تجري الآن على قدم وساق وفي كل يوم، لقد عملت معك في لجنة الإقتصاد وألإستثمار في مجلس النواب، وبحكم خبرتك تستطيع أن تعرف دقة الأرقام التي أذكرها، وإن كان لديك أي شك فحولك بعض المتخصصين الذين يستطيعون تثبيت ذلك، ولكني مطمئن إنك لن تحتاج إليهم.

إني فيما ذكرته لا أريد أن أتهم السيد علي العلاق محافظ ألبنك المركزي بأي  إتهام، لأن مبدئي أن لا أوجه إتهاماً لأي شخص إن لم أكن متيقناً من ذلك، لعلك تقول أن السيد على العلاق كفوء في منصبه، ولا أريد أن أشكك برأيي الشخصي بكفائته، ولكن أرجو أن تطلع على المقابلة التي أجراها قبل بضعة أيام مع (باتريك أوزغود  Patrick Osgood) والمنشورة على كثير من المواقع الإخبارية، أرجو أن تطلع بتمعن إلى أجوبته للأسئلة التي وجهت له لتعلم مقدار كفائته، وقد تقول أنه مفروض علي، وهذا ما وصلني عنك، لقد قلت في مؤتمرك الصحفي أعلاه (لن أتراجع عن الإصلاحات ولو كلفني ذلك حياتي)، وإني أقول لك مطمئناً، لن يجرؤ أحدُ الآن أن يهددك بحياتك، وإن تجرأ شخص على ذلك في يومنا الحالي فقد حكم على نفسه بألإعدام، فأمضِ على بصيرةٍ من أمرك للإصلاح متوكلاً على ألله.

ومع كل ذلك فإنك لا تحتاج أن تزيح السيد علي العلاق عن موقعه، ولكن لإيقاف هذا الفساد الكبير وهذا الإستنزاف المهول لإحتياطي الدولة العراقية فألقرار بيدك وبإمكانك أن تتخذ أي من الخطوتين المذكورتين أدناه أو كليهما:

  1. أن يتوقف الإعتماد على القوائم المزورة لبيع الدولار للسراق والمفسدين، وبألمقابل يتولى البنك المركزي أو البنك التجاري (فتح الإعتماد المستندي) (Letter of Credit-L/C) حيث بهذ الوسيلة يمكن التأكد أن الأموال ستدفع للشركة المصدرة حين وصول البضاعة إلى إحدى نقاط الحدود العراقية.
  2. أن يتخذ إجراء (الدفع عند إبراز وثائق الشحن) (Cash Against Documents- Documentary Collection – D/C) حيث يدفع المبلغ للشركة المصدرة بمجرد إصدارها لوثائق الشحن، هذه الطريقة كلفتها أقل، وأقل تعقيداً من (L/C) ويمكن إتباعها لإستيراد كميات بسيطة من البضائع وبالذات من دول الجوار كأيران وتركيا والسعودية وغيرها.

حيث لو إستخدمت أي طريقة من الطريقتين أعلاه المعترف بها عالمياً من قبل المصارف العالمية عوضاً عن السياسة المتبعة حالياً في العراق فقط خلاف جميع دول العالم في إعتماد القوائم المزورة (المقصود بالتزوير هنا هو عدم تصدير البضاعة الى العراق)؛ فإنك تمتلك القرار بيدك في إيقاف الفساد والسرقات بفرض أي من الطريقتين أعلاه حيث ستحفظ سبعة عشر مليار دولار سنوياً من الهدر والتحويل إلى حسابات خارج العراق لهؤلاء السراق والمفسدين على حساب شعبنا المستضعف الذي يعاني الويلات من الفقر والتهجير والتشريد في بقاع العالم المختلفة.

أخي العزيز دكتور حيدر، المشكلة ليست في حكومة التكنوقراط، فلو شكلت حكومة جميع أفرادها من التكنوقراط وكانوا فاسدين فسيكون مصيرها الفشل المطبق، فلقد رأينا في الحكومات السابقة الكثير من التكنوقراط الفاسدين، ولو شكلت حكومة جميع أفرادها من الأحزاب السياسية ولكنهم كفوئين ونزيهين فسيكون مآلها النجاح، نعم هناك ميزات إيجابية للتكنوقراط حيث لا يمكنهم أن يشكلوا لجان إقتصادية للسرقة كما تفعل الأحزاب السياسية الآن، والتكنوقراط لا يحصل على نفس مستوى الإسناد من حزبه كألإنسان الحزبي، والتكنوقراط قد لا يكون مضطراً أن يقرب أفراد حزبه على الآخرين، هذه صحيح تبقى مميزات لحكومة التكنوقراط، ولكن تبقى المشكلة ألأساسية والكبرى النزاهة والكفائة.

إنك الآن على مفترق طرق، إما أن تتحرك كوطني عراقي وليس كحزبي، وتبعد عنك المستشارين الحزبيين الذين يعملون لمصالحهم الشخصية ولمصلحة الحزب التي يمكن أن تتناقض مع مصلحة البلد، فستنجح حينها نجاحاً كبيراً؛ هناك أناس كفوئين غير حزبيين تعرفهم جيداً تستطيع أن تستبدل بهم الحزبيين غير الكفوءين، وهناك رؤوس كبيرة للفساد قد تمادت في الفساد في الفترات السابقة وقد ساهمت بشكل كبير إيصالنا إلى الوضع المزري الذي نحن فيه اليوم، فلو وجهت إليها ضربات قاصمة وأودعتهم السجون كما طالبتك المرجعية الرشيدة وكما طالبك أبناء شعبك من المتظاهرين، فسيقف الشعب كله معك، وستسندك المرجعية الرشيدة، وستنجح في إنقاذ البلد من واقعه المأساوي، لقد نطقت بكلمة يمكن أن تخلد معك (لن أتراجع عن الإصلاحات ولو كلفني ذلك حياتي)، حينها سيخلد أسمك في التأريخ وسيكون أجرك عند ألله كبير وجزاؤك عنده عظيم.

أما إذا بقيت متردداً، وبقيت حاشيتك نفسها، وبقيت أنفاسك الحزبية طاغية على أنفاسك الوطنية، وبقيت رؤوس الفساد طليقةً، فستنطبق كلمتك الخالدة على هذا الوضع حينما قلت  (الولاء الشخصي أو الحزبي يؤدي إلى تقديم المقربين على حساب المهنيين و هذا ظلم يدمر المجتمع ولن نسمح به) فسيستمر حينها تدهور البلد، وستستمر معاناة الناس، وسيدمر المجتمع، وأخشى أن لا يذكرك التأريخ بخير.

مع وافر تقديري وتحياتي

محمد توفيق علاوي