*المدينة الفاضلة/ ومفهوم الطوباوية في كربلاء* بقلم: د سارة الطائي

مقالة مميزة عن زيارة الاربعين للدكتورة سارة الطائي

لأهمية هذه المقالة التي تكشف ابعاداً اخرى لهذه الزيارة العظيمة وتكشف عمق المفاهيم الحسينية في الوجدان الشعبي العراقي بمفاهيم التضحية والاحسان والايثار والحب والطهارة والرحمة والجود والكرم ولا يسعني إلا ان انشرها على صفحتي، واقول مع كل سوداوية الصورة في العراق فهذه النفوس الطاهرة والطيبة يستحقون كل خير وسيأتي اليوم الذي سينهض به بلدنا ويزدهر العراق ويكون بمشيئة الله كما يستحقه اهله وهذا اليوم قريب وقريب جداً بمشيئة الله :

*المدينة الفاضلة/ ومفهوم الطوباوية في كربلاء*

بقلم : د. سارة الطائي

إن الجمال الذي نراه على طريق الاربعين هو يوتيوبيا بحد ذاته … هو الهيكلية الحقيقية للمدينة الفاضلة التي كانت حلم الانبياء والصالحين ، والخيال الذي بناه الكثير من الفلاسفة والكتاب عن حقيقة المدينة الفاضلة حلم الانسانية…

مفهوم المدينة التي يقوم فيها الناس بالتكاتف والتعاون فيما بينهم

بدوافع داخلية بحتة….بدون اي دعوة مسبقة من جهة خارجية…

يقوم الناس في هذه المدينة حسب تصور الفلاسفة باتباع ضمائرهم والعيش بانضباط حتى في غياب القانون…

لا يحتاجون الى مؤسسات تديرهم او توجه جهودهم …

الجميع يقوم بتوزيع الطعام والعلاج والتنظيف والترميم في مكانه وعلى حسابه الشخصي..

يدخل أشخاص غرباء الى مدينتك وتعرض عليهم السكن في بيتك وانت لا تعرفهم، وهم لا يعرفونك…. فيدخلون وينامون هانئين!

تسمح لاشخاص غرباء تماماً بالنوم على فراشك والاكل من طعامك واستخدام حمامك الشخصي بدون مقابل. وكذلك هم لا يشعرون بخطر التواجد في بيت غريب!

يسمح فيها الاهالي بخروج أبنائهم وبناتهم ونسائهم ولا احد يخشى عليهم من شيء …

ينام الناس فيها في الشوارع والساحات آمنين ، ويسعى الجميع للحصول على اكبر جزء من المشقة في سبيل راحة غرباء لا يعرفونهم…

دفىء غريب يجتاح كل مكان لا يخاف فيه احد من احد ويشعر انه يعيش في كرنفال ..

الناس لا تحتاج إلى امان ،او وقاية من حر او برد لكي تسير .. فالظروف المحيطة لا تشكل اي اهمية بل قد تعتبر صعوبتها تحدياً

هنالك فلم سينمائي يجسد فكرة الفوضى والنفس الانسانية حينما تكون بلا قيود، في عالم بلا جرائم ولكن ليوم واحد في السنة تكون كل انواع الجرائم مباحة وكل القوانين معطلة فتظهر اسوء ما في النفس البشرية…. ولكن في كربلاء يوتوبيا العصر

انت تتمتع ب ١٤ يوم يفتح فيه سوق يمتد من البصرة لكربلاء يقدم فيه كل الناس اغلى بضاعاتهم مجاناً وبدون اي حساب او قيود …

ومن لا يملك ما يقدمه قد يعرض خبراته ، مثل الخدمات الطبية ،او قراءة كتب او خياطة ملابسك مجاناً….. حتى اني سمعت ان رجلاً فقيراً جدا في طريق أحدى القرى ،كانت خدمته هي الوقوف لتشكيل ظل فوق من يجلس امامه للراحة …

النفس الانسانية بكل اخطائها ، ونقوصها وتقصيراتها تُكبح لمدة ١٤ يوم فقط لاجل تشكيل مد بشري مليوني هدفه لفت نظر العالم بما يكفي لايصال صوت ذلك الشيخ العظيم ذي الجراحات والتضحيات

حينما قال ” الا من ناصر ينصرنا”

نعم يا سادة شئنا ام ابينا مدينة مساحتها لا تزيد عن 53,000 كم مربع ستحمل ما يزيد عن ٢٥ مليون انسان حتى يوم الاربعين …

هذا كفيل بادخال الفرحة لقلوب ملايين المؤمنين ومحبي الفضيلة في جميع العالم ، واثارة غيض وحنق ارباب الرذيلة وسعيهم لمحاولة اخماد هذا الصوت …

واخيرا ان تحقيق مبدأ المدينة الفاضلة التي تنزل لمدة اسبوعين سنوياً لا يليق بأرض ان تحتويها الا ارض العراق ….

الشعب العراقي استحق ان يكون الامام الحسين عليه السلام بين ظهرانيهم.

كيف لنا ان نعرف اننا صادقون حين نقول (ياليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيما)

عندما بلغ الحسين (ع) الصفاح في مسيرته من مكة إلى العراق لقي الفرزدق قادماً من الكوفة فسأله ( ما وراءك يا أبا فراس )، فقال الفرزدق ( تركت الناس قلوبهم معك وسيوفهم عليك ) فقال الحسين (ع) ( ما أراك إلا صدقت يا أخا تيم، الناس عبيد المال، والدين لعق على السنتهم يحوطونه ما درت به معايشهم، فإذا محصو بالبلاء، قل الديانون )….

هذا كان وضع أهل العراق سنة ستين للهجرة، فما هو وضعهم في الحاضر؛ الآن ونحن نستحضر أيام الأربعين الكثير من أهل العراق يندبون الحسين (ع) ويبكونه، ويسيروا إليه بالملايين من كافة أرجاء العراق، فكم من هذا البكاء كان صادقاً، وكم منه بكاء كاذباً، كم من الماشين اليه صادقون وكم منهم ستكون سيوفهم على الحسين (ع) ان تعارض منهج الحسين (ع) مع مصالحهم …..

لم يرد الحسين (ع) من البكاء تعاطفاً معه فحسب، فقد بكى عليه تعاطفاً عمر ابن سعد وهو يأمر بذبحه، وبكى عليه أهل الكوفة تعاطفاً حين استقبلوا السبايا، فخاطبتهم العقيلة زينب (ع) ( أتبكون؟ وتنتحبون؟ إي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها )…..

ولم يرد الحسين (ع) أن نسير إليه لمجرد المسير، بل أراد أن نسير على نهجه وعلى خطاه وطريقه، كما أرادنا أن نبكي ليس تعاطفاً، فالحسين (ع) لم يستشهد من أجل أن ينال تعاطفنا، بل استشهد من أجل القيم التي رفعها ومن أجل منهجه الذي أعلنه ( إنما خرجت أريد الإصلاح في أمة جدي رسول ألله (ص) )، فأراد بكاءنا ألماً  وتعاطفاً معه للسير على نهجه لمقارعة الظلم والطغيان والفساد ومواجهته بالقسط والعدل والإصلاح وهو ما دعا اليه وأراده في نهضته الجبارة وثورته العظيمة ……

حري بنا أن نسأل أنفسنا. هل نحن صادقون حينما نقول ( يا ليتنا كنا معكم فنفوز والله فوزاً عظيما؟؟ ) حري بنا أن نسأل أنفسنا حين نسير إلى كربلاء ( هل إننا ننال بكل خطوة حسنة وتمحى عنا سيئة؟؟ )

حري بنا حين نذرف الدموع حزناً على الحسين (ع) أن نسأل أنفسنا ( هل حقاً سنكون يوم القيامة مصداق قول الصادق (ع) / كل عين يوم القيامة باكية إلا عيناً بكت على الحسين (ع) فإنها ستكون ضاحكة؟؟ )

إن الذين لا يتورعون عن أكل مال الحرام من عشرات الآلاف من المنتسبين في الدولة من الرشاوى من المواطنين المستضعفين؛ ممن يعتقدون ان قلوبهم مع الحسين (ع) ويذرفون عليه الدمع الغزير، فكأني بالعقيلة زينب (ع) تخاطبهم الآن وتقول لهم كما قالت لأهل الكوفة  ( إي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ).

و أما الذين يدفعون الرشاوى من التجار والمقاولين لتحال إليهم العقود بغير حق، ومن يستلمها منهم من الموظفين في مؤسسات الدولة،  بل ما يأخذوه من عمولات على حساب البلد والمواطن ممن يظنون ان قلوبهم مع الحسين (ع) ويسيرون أياماً باتجاه كربلاء، فهؤلاء هم أعداء نهج الحسين (ع) بل هؤلاء هم أعداء الحسين (ع) وإنهم لخاطئون إذا اعتقدوا أن الحسين (ع) سيكون شفيعهم ليغفر لهم ما يتنعمون به من اموال السحت، وإن الله سيغض الطرف عن السرقات  من افواه اليتامى والارامل، هؤلاء إنما يدعسون على قيم الحسين (ع) ومبادئ الحسين (ع) وأهداف ثورته العظمى فيزيدوه ألماً، وكأني به يخاطبهم،:  (إنكم بما سرقتموه من قوت المستضعفين إذا اعتقدتم وانتم مصرون على المعصية اني ساشفع لكم واحلل لكم اموال الحرام، فإنكم مخطئون)، فالحسين (ع) لم يثر ليسير الناس اليه وليبكوا عليه ويعتبروا المسير سبباً لتحليل الرشاوى والعمولات، وإنما ثار ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فمن تمثل بنهجه نال بكل خطوة حسنة ومحيت عنه سيئة، نعم قد تظنون ان قلوبكم مع الحسين (ع) ولكن اعلموا انكم بنهجكم هذا فإن سيوفكم عليه، فبئس المنقلب منقلبكم وبئس المثوى مثواكم.

محمد توفيق علاوي

حوار شخصي بيني وبين الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر (قدس) عام 1976

في صيف عام ١٩٧٦ سافرت إلى إنكلترا، فركبت قطار الأنفاق مع ابن عمي الذي كان يسكن هناك ، حيث يجب دفع سعر البطاقة قبل ركوب القطار، ولكن مكتب بيع البطاقات كان مغلقاً، فركبنا القطار الذي توقف في عدة محطات قبل الوصول محطتنا الأخيرة، وقبل الخروج كان هناك مكتب صغير يسمى (Access Office) حيث أخبرناه اننا لا نملك بطاقة، فسألنا عن المحطة التي إنطلقنا منها، فأخبرناه عنها، فطلب منا مبلغاً من المال إستناداً على المسافة التي قطعناها بالقطار؛ فسألت إبن عمي لو أننا خدعناه وذكرنا محطة أخرى أقرب فهل سيأخذ مبلغاً أقل، فكان جواب إبن عمي بالإيجاب، ولكنه أضاف إن هناك ثقة متبادلة والناس عادة لا يكذبون بل يقولون الحقيقة ويدفعوا ما يجب عليهم دفعه (طبعاً هذا الأمر كان عام ١٩٧٦ حيث تغيرت بعدها الكثير من عادات الناس هناك)……

لقد أثرت بي هذه الحادثة وقررت أن أسأل السيد الشهيد محمد باقر الصدر حيث كنت اتردد عليه في النجف الاشرف وأنا شاب يافع وطالب في الجامعة (حيث كانت لقاءاته الخاصة تتم في غرفة المكتبة في الطابق العلوي في بيته المتواضع)، فقابلته وكنا عادة نتداول الكثير من المواضيع حيث كان يستفسر على الكثير من الامور وعن الاحداث العامة وتفاصيل الجامعة بل حتى الامور الخاصة فطبيعته الاهتمام بتفاصيل من يحدثه وكان يتعاطف ويتألم بشكل كبير لما نتعرض له من مضايقات واعتقالات كطلبة في الجامعة، وتطرقت في احدى اللقاءات الى هذه الحادثة؛ ثم سألته (هل حسن تصرف الكثير من الناس في الغرب وتمسكهم بالصدق والعدل ناتج عن عقيدتهم المسيحية لفترة مقاربة لألفي عام؟، وهل سوء تصرف الكثير من المسلمين في بلادنا من التحايل والكذب ناتج عن عقائدنا؟) فأجابني السيد الشهيد رضوان الله عليه إجابة مباشرة وكأنه قد عاش معهم في الغرب……وقال

(هذه التصرفات لا علاقة لها بالدين، بل هي مرتبطة إرتباطاً مباشراً بالحاكم، ففي الغرب يشعر المواطن بأن الحاكم في بلده يعمل بإخلاص من أجل بلده ومن أجل مصلحة المواطنين، فتتعمق ثقة المواطن  بحكومته، وعلى أثرها يخلص المواطن لبلده ولحكومته ويتعامل مع مؤسسات الدولة كافة بثقة وبصدق وإخلاص، وتنعكس آثار هذه العلاقة في تعامل المواطن مع المواطنين الآخرين، فتعم وتتعمق أجواء الثقة والصدق بين أبناء الوطن الواحد، وبمرور الوقت يكتشف أبناء الوطن الواحد أن هذه الصفات تصب لمصلحتهم جميعاً، فتترسخ هذه الصفات، ويتحول هذا السلوك بمرور الوقت إلى حالة من (المراس الحضاري) [وهذه أول مرة أسمع بهذا التعبير الذي إستخدمه السيد الشهيد في ذلك الزمن]، أما في بلداننا (والكلام للسيد الشهيد) فالحاكم هو عدو الشعب وهذه العلاقة العدائية تنعكس بشكل سلبي على العلاقة بين المواطن وبين الحاكم  وبين المواطن وبين الدولة  ومؤسساتها، وتنعكس آثارها السلبية عى العلاقة بين المواطنين أنفسهم، فالدين بشكل عام لا علاقة له بالقيم الأخلاقية العالية التي يتمتع بها الكثير من المواطنين بالغرب بل يرجع الفضل في ذلك لحكامهم، كما أنه لا علاقة بالمرة بين الدين وبين سوء الخلق والإفتقار للكثير من القيم الأخلاقية للكثير من المواطنين في بلداننا، بل المسؤول الأول عن هذا الإفتقار للقيم الخلقية العالية في بلداننا هو الحاكم) (إنتهى كلام الشهيد الصدر)

إلى اين يريدون ايصال البلد بهذه الانفاس الطائفية على اثر احداث سبايكر

جائتني رسالة من احد الاخوة هذا نصها؛

وان كانت نيتك درء الفتنه فبارك الله بك ولكن بعض العشائر شاركو في القتل وفرح اهل المدينة وزغردت النساء وهذا عارٌ سيلحقهم الى يوم القيامه سوف تقول ان داعش هم من فعلوها وهم الان في السجون ومنهم من تم اعدامه ومنهم من ينتظر اعدامه. نعم ولكن اهل المنطقه كانوا نفس فكر الدواعش حتى انهم رحبوا بهم، نريد كشف من اعانهم وكشف من فرح بقتلهم ومن زغرد على قتلهم، هؤلاء كلهم مجرمون، لا نريد الانتقام منهم ولكن نريد كشفهم لكي يعرفهم الناس

فكان جوابي له؛:

اخي العزيز لدينا قريبة اعدم زوجها وابيه واخوته جميعهم لا لذنب ارتكبوه بل بتهم مفبركة في زمن ايام المقبور صدام، فارادت بعد 2003 ان تحصل على معلومات من اتهم زوجها ومن عذبه ومن كان سبباً في قتلهم، لقد كانت كل الوثائق موجودة، ولكنهم قالوا لها لا نستطيع ان نعطي اي وثيقة او اي معلومة، فالسيد السيستاني اعزه الله حرم علينا كشف هذه الوثائق والمعلومات، هل تدري اخي العزيز لماذا ؟ لأن السيد اعزه الله اراد بعد انتهاء فترة الظلم ان يعم الامن والسلام، اراد ان يحافظ عليك وعلى ابنائك واحفادك من الانتقام والانتقام المضاد، يا أخوتي افهموا ما يخطط لكم وحكموا عقولكم وابعدوا عواطفكم؛ لقد كنت طالباً في لبنان في نهاية السبعينات والحرب الاهلية على اشدها بين المسلمين والمسيحيين، لقد كان جميع اللبنانيين يعرفون ان المحرك لهذه الحرب هو وزير الخارجية الامريكي كيسنجر، ولكن احقاد كل طرف على الآخر جعلهم يتمادون في القتال وكان المسلمون والمسيحيون يتحدث كل طرف منهم على الآخر وله مبرراته كما حصل ويحصل الآن في العراق بين الطائفيين من السنة والشيعة، لم يحقق المسلون والمسيحيون اي انتصار لاحدهم على الآخر، بل كلا الطرفين خسروا، وتم تدمير لبنان، وجاء رفيق الحريري واعاد اعمار لبنان بقروض تجاوزت الخمسين مليار دولار، وتراكمت فوائد القروض حتى بلغ الدين العام اليوم اكثر من 120 مليار دولار، وانهار الاقتصاد اللبناني والليرة اللبنانية، وتم حجز اموال اللبانيين في البنوك، واللبنانيون اليوم اكثر من 70٪ منهم يعيشون تحت خط الفقر، لم يفكر اللبنانيون قبل اربعة عقود من الزمن ما سيحل بابنائهم واحفادهم، لقد عاد الوئام الآن بين المسيحيين والمسلمين، ولكن اجندة كيسنجر هي التي تحققت بسبب تفكير اللبانيون بعواطفهم في ذلك الوقت وليس بعقولهم، نعم قد تزغرد إمرأةً من عشيرة صدام فرحاً باستشهاد هذه الثلة من الشباب الذين قتلوا على يد داعش بل لعله على يد بعض اتباع صدام ممن اعتنق الفكر الداعشي، لقد تم اعتقال لعله اغلب من اشترك في القتل وتم اعدام اغلبهم والآخرين ينتظرون دورهم، نعم لعل البعض هربوا خارج العراق، هل تريدون الانتقام من النساء الذين زغردوا على قتل ابنائنا، هل تريدون ان نعيش اجواء الانتقام والانتقام المضاد ؟ هل تريدون الدمار لابنائكم ولاحفادكم ؟ اخوتي الاعزاء واخواتي العزيزات اطلب منكم ان تأخذوا جزءاً يسيراً من حكمة السيد السيستاني اعزه الله، لكي نرد على اجندات الاعداء ونبني وطننا كما نريد وليس ان ندمره كما يريد اعداءنا، الامر بيدكم، والنتائج ستكون لكم بحلوها ومرها، تستطيعوا ان تبرروا اعمالكم ولكن لا يمكنكم الفرار من تبعات افعالكم، اسأل الله ان يهديني واياكم الى طريق الحق، مع وافر تحياتي للجميع

محمد توفيق علاوي

بعض المعلومات بشأن مرتكبي مجازر سبايكر؛

لقد تم اعتقال الكثير ممن شارك في قتل الشهداء في مجزرة سبايكر وتم التحقيق معهم وتم التعرف تقريباً على جميع المشاركين في مجزرة سبايكر، عدد المشاركين بشكل مباشر وبشكل غير مباشر يبلغ حوالي ال600 مجرم، المشاركين منهم بشكل مباشر لا يتجاوز ال200 مجرم، تم اعتقال الكثير منهم ممن بقي على قيد الحياة حيث قتل الكثير منهم في المعارك اللاحقة مع داعش، وهرب آخرون داخل العراق وخارجه وبالذات في تركيا وبعض الدول الاوربية، تواصل العراق مع الانتربول وارسل أسماء من يعتقد انهم هربوا خارج العراق، فتم وضع أسماءهم على لائحة النشرة الحمراء للانتربول، وتم اعتقال البعض خارج العراق ولكن لم يسلموا للعراق بسبب سريان احكام الإعدام في العراق، صدرت احكام الإعدام بحق حوالي ال 70 مداناً ونفذ حكم الإعدام بحق 36 مجرماً منهم في شهر آب عام 2016.المطلوب تنفيذ حكم الإعدام بحق كل من شارك بشكل مباشر في هذه المجزرة، ويجب محاكمة الآخرين ومعاقبتهم حسب تقدير القضاء العراقي وطبق القانون، اما ما اشيع من مشاركة بعض المسؤولين الذين لا زالوا في موقع المسؤولية بهذه المجزرة فيجب التحري والتأكد من صحة هذه الاخبار واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم

محمد توفيق علاوي

من يبعد التهمة عن داعش في جريمة سبايكر انما يحقق اهداف اجندات دولية لزرع الفتنة وإشعالها حرباً أهلية في العراق وتشكيل حكومة طوارئ

عام 2021 هي الذكرى السابعة لمجزرة سبايكر التي ذهب ضحيتها اكثر من 1700 شاب بعمر الورود قتلوا بطريقة وحشية يندى لها جبين البشرية، ولكن ما يميز الذكرى في هذه السنة هو تغيير لغة الخطاب فإنها اول مرة يحاول الكثير من الكتاب بشكل متعمد او غير متعمد تبرئة ساحة داعش من هذه الجريمة النكراء وإلصاقها بالعشائر السنية التكريتية، ولم يتم الاكتفاء في هذه السنة بهذا الامر بل تزامن ذلك مع عدة احداث، نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر محاولة تهديم تمثال أبو جعفر المنصور، الدعوة لتهديم مرقد الامام الأعظم أبو حنيفة النعمان، دفع بعض أقرباء شهداء سبايكر بقطع الطرق والاعتداء على أهالي صلاح الدين، رفع صور الامام الخميني والامام الخامنئي قرب مرقد الامام أبو حنيفة في الاعظمية في محاولة واضحة لاستفزاز أهالي منطقة الاعظمية، انتشار عدة دعوات في اكثر من مقال ومقابلات تلفزيونية لتشكيل حكومة طوارئ، واحداث أخرى ستكشف عنها الأيام القادمة تصب في نفس هذا المصب، المحرك لكل هذه الاحداث هي جهة واحدة تريد تمزيق النسيج العراقي وإشعالها حرباً أهلية طائفية ومن ثم تحقيق هدفهم في تشكيل حكومة طوارئ لإنهاء ما تبقى من حرية وانفاس ديمقراطية في العراق؛ وللأسف الشديد هناك كثير من الأصوات الوطنية التي سارت هذا المسار بغير وعي منها ولكنها من حيث لا تشعر تحقق أهداف هذه الجهات التي تسعى لتمزيق العراق بل تمزيق كامل المنطقة وتقسيمها الى دويلات صغيرة ومتصارعة للسيطرة على المنطقة وعلى شعوبها بهدف تدميرها ليسهل اخضاعها لمخططاتهم الخبيثة.

محمد توفيق علاوي

دخل على ابي مسرعاً وقال له (طلع فلوسك)

هذه الحادثة حدثت في بداية ثمانينات القرن الماضي حيث كان لنا ستة مصانع في مناطق مختلفة وكان اكبرها واهمها معمل توفيق علاوي للكابلات والاسلاك الكهربائية في ابو غريب حيث يتجاوز عدد العاملين لهذ المصنع مئتي موظف وعامل وكانت اهم مادتين اوليتين لهذا لمصنع مادة النحاس ومادة ال (PVC) حيث يتم استهلاك عدة آلاف من الاطنان سنوياً من هاتين المادتين الاوليتين، وكان مركز الادارة لهذه المصانع في بناية خان الباشا الصغير في شارع البنوك مقابل البنك المركزي حيث حدثت هذه الحادثة.

كان سعر الطن لمادة ال (PVC) بحدود (70) دينار للطن الواحد اي حوالي (210) دولار حسب سعر التصريف في ذلك الوقت وكانت هذه المادة في ذلك الوقت تستورد من خارج العراق، اما المتحدث مع والدي فهو السيد ابو عمار وكان دلالاً في السوق حيث يتقصى الدلالون المواد والبضائع في السوق لعرضها على التجار وعلى رجال الاعمال ولهم نسبة بسيطة من قيمة هذه المواد والبضائع، وكان السيد ابو عمار رجلاً اميناً ومواظباً على زيارة الامام الحسين (ع)، وعندما دخل على والدي مستعجلاً وبتلهف وقال له (طلع فلوسك) وكان واقفاً وقبل ان يجلس، تفاجأ والدي وقال له (لماذا؟) فأجابه ابو عمار (لقد جلبت لك مادة ال PVC بحوالي (20) دينار للطن ويجب ان نستعجل بشرائها قبل ان يشتريها الآخرون) فتفاجأ والدي وقال (يستحيل لأن هذه المادة لها سعر عالمي معروف، إلا إذا كانت تالفة) فأجاب ابو عمار (إنها ليست تالفة ولكن الحكومة عرضتها للبيع بعد ان استولت عليها من المسفرين)، [فكلمة (المسفرين) كانت تستخدم في ذلك الوقت للعراقيين ذوي الاصول الايرانية أو ألكرد الفيلية من العراقيين الاصلاء وغيرهم حيث استولت الحكومة على املاكهم واموالهم وسفرتهم غصباً إلى ايران]، فقال له والدي (أجلس ياسيد ابو عمار لأحدثك) ثم اردف والدي (أعلم انك تواظب على زيارة الحسين(ع)) فأجاب ابو عمار(نعم والحمد لله)، فقال له والدي (انك تؤذي الحسين (ع) في زيارتك له وتتعامل مع هذه البضائع والاموال المغتصبة) ثم اردف (إن الحسين (ع) لا ينفعه ان تزوره ولكنه يريد منك ان تسير على منهجه) ( وإني اقول لك ان لم تزر الحسين (ع) وسرت على منهجه سيفرح بك الحسين(ع) وإن زرته  وتخالف منهجه فسيتأذى منك) وبعد حديث طويل معه اعتذر السيد ابو عمار وابدى اسفه عن فعله وشكر والدي على نصيحته وعلى تنبيهه عن خطورة هذا الامر وعاهد ابي انه لن يعود لذلك الفعل.

هذه الايام هي ايام عاشوراء، الكثير من الناس يذهبون ويشاركون في مجالس العزاء ويذرفون الدموع الغزيرة على الحسين (ع)، ولكن للأسف الشديد هناك الكثير منهم ولعل اغلبهم من السياسيين ومن الموظفين في دوائر الدولة وغيرهم، لا يتوانون عن اخذ الرشوة من المواطن الفقير، ويأخذوا العمولات من مشاريع الدولة على حساب المواطن الشريف، سالبين اللقمة من افواه الارامل والايتام لجيوبهم، فليعلم هؤلاء أن هذه الذنوب لن تغفر بمجرد الحضور الى مجالس العزاء والبكاء على الحسين (ع)، بل انها تغفر وينالوا شفاعة الحسين (ع) بالتمسك والسير على منهاجه.

محمد توفيق علاوي

ذكرى الحسين بين الحب الصادق والحب الكاذب

أذكر هذه الحادثة ادناه لتوضيح الحب الصادق للحسين (ع) وهو السير على منهجه وبين الحب الكاذب وهو الانحراف عن منهجه وهذا هو الحاصل في يومنا الحالي من قبل الكثير ممن يدعي حب الحسين (ع)، حيث حصلت هذه الاحداث في بداية ثمانينات من القرن الماضي حيث كان لنا ستة مصانع في مناطق مختلفة وكان اكبرها واهمها معمل توفيق علاوي للكابلات والاسلاك الكهربائية في ابو غريب حيث يتجاوز عدد العاملين لهذ المصنع مئتي موظف وعامل وكانت اهم مادتين اوليتين لهذا المصنع مادة النحاس ومادة ال (PVC) حيث يتم استهلاك عدة آلاف من الاطنان سنوياً من هاتين المادتين الاوليتين، وكان مركز الادارة لهذه المصانع في بناية خان الباشا الصغير في شارع البنوك مقابل البنك المركزي حيث حدثت هذه الحادثة.

كان سعر الطن لمادة ال (PVC) بحدود (70) دينار للطن الواحد اي حوالي (210) دولار حسب سعر التصريف في ذلك الوقت وكانت هذه المادة في ذلك الوقت تستورد من خارج العراق، اما المتحدث مع والدي فهو السيد ابو عمار وكان دلالاً في السوق حيث يتقصى الدلالون المواد والبضائع في السوق لعرضها على التجار وعلى رجال الاعمال ولهم نسبة بسيطة من قيمة هذه المواد والبضائع، وكان السيد ابو عمار رجلاً اميناً ومواظباً على زيارة الامام الحسين (ع)، وعندما دخل على والدي مستعجلاً وبتلهف وقال له (طلع فلوسك) وكان واقفاً وقبل ان يجلس، تفاجأ والدي وقال له (لماذا؟) فأجابه ابو عمار (لقد جلبت لك مادة ال PVC بحوالي (20) دينار للطن ويجب ان نستعجل بشرائها قبل ان يشتريها الآخرون) فتفاجأ والدي وقال (يستحيل لأن هذه المادة لها سعر عالمي معروف، إلا إذا كانت تالفة) فأجاب ابو عمار (إنها ليست تالفة ولكن الحكومة عرضتها للبيع بعد ان استولت عليها من المسفرين)، [فكلمة (المسفرين) كانت تستخدم في ذلك الوقت للعراقيين ذوي الاصول الايرانية او من الاكراد الفيلية او من العرب ولكن اجدادهم سجلوا في السفارة الايرانية كايرانيين لكي لا يشاركوا في الحرب العالمية الاولى؛ حيث استولت الحكومة على املاكهم واموالهم وسفرتهم غصباً إلى ايران]، فقال له والدي (أجلس ياسيد ابو عمار لأحدثك) ثم اردف والدي (أعلم انك تواظب على زيارة الحسين(ع)) فأجاب ابو عمار(نعم والحمد لله)، فقال له والدي (انك تؤذي الحسين (ع) في زيارتك له وتتعامل مع هذه البضائع والاموال المغتصبة) ثم اردف (إن الحسين (ع) لا ينفعه ان تزوره ولكنه يريد منك ان تسير على منهجه) ( وإني اقول لك ان لم تزر الحسين (ع) وسرت على منهجه سيفرح بك الحسين(ع) وإن زرته وتخالف منهجه فسيتأذى منك) وبعد حديث طويل معه اعتذر السيد ابو عمار وابدى اسفه عن فعله وشكر والدي على نصيحته وعلى تنبيهه عن خطورة هذا الامر وعاهد ابي انه لن يعود لذلك الفعل.

هذه الايام هي ايام عاشوراء، الكثير من الناس يذهبون ويشاركون في مجالس العزاء ويذرفون الدموع الغزيرة على الحسين (ع)، ولكن للأسف الشديد هناك الكثير منهم ولعل اغلبهم من السياسيين ومن الموظفين في دوائر الدولة وغيرهم، لا يتوانون عن اخذ الرشوة من المواطن الفقير، ويأخذوا العمولات من مشاريع الدولة على حساب المواطن الشريف، سالبين اللقمة من افواه الارامل والايتام لجيوبهم، فليعلم هؤلاء أن هذه الذنوب لن تغفر بمجرد الحضور الى مجالس العزاء والبكاء على الحسين (ع)، بل انها تغفر وينالوا شفاعة الحسين (ع) بالتمسك بمبادئه والسير على منهاجه.

محمد توفيق علاوي

هل يمكن أن يأثم الزائر في توجهه لزيارة الحسين عليه السلام

إن اهم واجب يؤديه كل إنسان مسلم ومؤمن هو الصلاة الخمس اليومية؛ ولكن هذه الصلاة الواجبة يمكن ان تكون إثماً كبيراً إن لم تحقق الهدف الذي أراده الله منها، فقد هدد الله بعض مؤديها تهديداً عظيماً عاقبته نار جهنم في وادٍ من اوديتها يسمى (الويل) كما في قوله تعالى {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}، إن صلاة هؤلاء البعض التي ستكون بمستوى الاثم تتميز بثلاث ميزات: الميزة الاولى هي سهوهم عن الصلاة قبال صلاة المؤمن التي وصفها الله بالمحافظة عليها {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ}، والميزة الثانية {الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ} وهي المراءاة حيث لا يهدف هذا الانسان في صلاته تحقيق رضى الله  بل تحقيق رضى الناس وهذا هو الرياء؛ والميزة  الثالثة إنها لا تحقق الهدف المطلوب منها في النهي عن الفحشاء والمنكر {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ}  فمنعالماعون كناية عن منع الزكاة لإطعام الفقراء وهذا هو المنكر فالصلاة هنا لا تحقق الهدف المطلوب منها؛ لذلك هدد الله هؤلاء المصلين بهذه الصلاة وجعل عاقبة هذه الصلاة الويل في نار جهنم إن لم يحققوا الهدف الذي اراده الله من صلاتهم كما هو واضح من الآية الكريمة.

وكذلك الزائر للحسين عليه السلام، فإن الزائر امام طريقين إما ان يسعى لتحقيق الاهداف السامية التي أرادها الحسين عليه السلام من نهضته الكبرى أو على النقيض يجعل هدفه من هذه الزيارة تثبيت الواقع الذي ثار عليه الحسين (ع) معتقداً ان المسير لزيارة الحسين (ع) يعطيه الحق لظلم الناس وسرقتهم معتقداً ان هذا الظلم سيغفر له وأن اموال الحرام من هذه السرقات ستكون مباحة له بمجرد مسيره لزيارة الحسين عليه السلام ؛ لقد اوضح الحسين عليه السلام اهداف ثورته الكبرى في قوله)إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق(، للأسف نجد الكثير من الزائرين الذين هم من هذا الشعب ولعل اغلبهم من السياسيين ومن الموظفين في دوائر الدولة وغيرهم، لا يتوانون عن اخذ الرشوة من المواطن الفقير، ويأخذوا العمولات من مشاريع الدولة على حساب المواطن الشريف، لا يتوانون عن اختلاق اسماء الفضائيين سالبين اللقمة من افواه الارامل والايتام لجيوبهم، لا ينصروا المواطن الضعيف، ويكذبوا في تعاملهم مع الناس ولا يخلصوا في عملهم، ثم يتصورون ان كل ذنوبهم تلك ستغفر بمجرد مسيرهم لزيارة الحسين عليه السلام، إن الذين يفعلوا تلك الافعال والآثام ويصرون عليها غير مستغفرين منها ولا نادمين لأنهم في كل عام يسيرون باتجاه الحسين عليه السلام معتقدين ان الحسين (ع) سيكون شفيعاً لهم للتجاوز عن ذنوبهم وظلمهم للناس وسرقاتهم من دون التوبة منها؛ فهنا ستغدو الزيارة سبباً ليس لتحقيق الاهداف التي ارادها الحسين (ع) بل ستكون سبباً لرفض الاهداف التي ارادها الحسين (ع) وسبباً في تثبيت المنكر الذي ثار عليه الحسين (ع)، ستكون سبباً للتمادي في اخذ الرشوة، وسبباً للتمادي في احتساب العمولات على حساب مصلحة المواطنين، وسبباً لظلم المواطنين الشرفاء والتحايل عليهم وسرقتهم وسرقة احلام اطفالنا وطموح شبابنا، ففي هذه الحالة ستكون زيارة الحسين عليه السلام أشبه ما تكون بصلاة الساهين وستكون نتيجة هذه الزيارة هي الاثم والعقاب في الآخرة، لذلك انصح هؤلاء الناس ان يبقوا في بيوتهم ويسيروا على نهج الحسين عليه السلام في رفض الفساد ومقارعته وأن لا يسيروا اليه  بأرجلهم ويخالفوا نهج الحسين (ع) بسلوكهم وتصرفهم، فالصنف الاول سينالوا شفاعة الحسين عليه السلام وان بقوا في بيوتهم، والصنف الثاني لن يزدادوا في مسيرهم نحو الحسين عليه السلام إلا إثما وذنباً وضلالاً وابتعادا عن طريق الحق وستكون عاقبته الابتلاء في الدنيا والعقاب والعذاب الشديد في الآخرة.

لماذا قال السيد السيستاني اعزه الله [ لا تقولوا اخواننا السنة بل السنة هم انفسنا ]؛

عندما ذهب نبي الله موسى (ع) إلى ميقات ربه حيث إنزلت عليه التوراة، أبقى أخيه هارون (ع) وصياً على بني إسرائيل، وقام السامري بإضلالهم (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى)، فوعظهم هارون قائلاً (يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي)، فلم يستجيبوا له قائلين (لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى)، لقد غدا هارون (ع) في موقف صعب، إما يتخذ موقفاً شديداً كما فعل موسى (ع) في نهيهم نهياً شديداً و قيامه بإحراق ونسف هذا الإله المزعوم ولو كلفه ذلك حياته، وهذا هو الموقف الطبيعي لنبي كهارون (ع) في مواجهة أكبر وأعظم إثم يمكن أن يرتكبه الإنسان في الشرك بالله وعبادة عجل من صنع الإنسان، أو ألإكتفاء بالموعظة البسيطة كما كان فعله في مواجهة هذا ألإثم الكبير، حتى إن موسى غضب في بادئ الأمر (قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي * قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي)، لقد وقع هارون في حيرة من أمره، إن وقف الموقف الطبيعي في مواجهة شركهم بالله بالشدة والقوة فسينقسم الناس إلى طائفتين، طائفة تؤيده وطائفة تبقى على الشرك، كما ورد في الكثير من التفاسير ، وفي هذه الحالة سيدب الخلاف بين بني إسرائيل، فالخلاف والطائفية أعظم في نظر هارون (ع) من الشرك الموقت بالله حتى رجوع موسى (ع)، لذلك أجاب هارون (إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي)، وقبِل موسى(ع) بهذا العذر لأن هذه كانت وصيته لهارون في الحفاظ على بني إسرائيل من التفرقة والخلاف، بل ألله سبحانه وتعالى أثبت هذه الحقيقة في كتابه الكريم في إن حرمة التفرقة والطائفية موازية لحرمة الشرك به. للأسف مع هذه الحقائق ألقرآنية الدامغة نكتشف أن الطائفية ضمن الأحزاب ألإسلامية تفوق الطائفية ضمن الكتل وألأحزاب الليبرالية والعلمانية التي تكاد أن تكون الطائفية فيها معدومة، إن دل هذا على شيء فإنه يدل على الجهل العميق بإلإسلام لهذه الأحزاب التي ترفع لواء ألإسلام لها كمنج وكشعار.

قال تعالى في كتابه الكريم ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ)[الأنعام١٥٩]، لقد كنت وزيراً للإتصالات، وكان يصل إلى مسامعي إن هناك بعض الوزراء من الشيعة والسنة لا يعينون في وزاراتهم إلا من كان من طائفتهم، ليعلم هؤلاء على لسان الرسول (ص) كما جاء في كتاب الله أن رسول ألله (ص) ليس منهم في شيء فهو بريء منهم لطائفيتهم، ليس المقصود بالطائفية الإلتزام بمفردات المذهب الذي هو الدين، ولكن الطائفية معناها التعامل مع الآخرين من منطلق طائفي،  ليعلم كذلك الزآئرون للحسين (ع) من الشيعة ألذين يفكرون ويتصرفون من منطلق طائفي أن الحسين (ع) بريء إلى ألله منهم ولن ينالوا شفاعته، فبمقدار بعدهم عن منهجه (ع)، بمقدار بعدهم عن شفاعته.

لم يقل آية الله السيد السيستاني أعزه الله (أن ألسنة أنفسنا) لمجاملة السنة وإنما قال ذلك من فهمه المعمق والحقيقي للإسلام، وكذلك الشهيد السيد محمد باقر الصدر عندما خاطب العراقيين، (يا أبناء عمر ويا أبناء علي)، ومن قبلهم كذلك السيد موسى الصدر حين مزق القائمة التي تتضمن الفقراء من الشيعة فقط وطالب بقائمة تتضمن فقراء السنة والمسيحيين إضافةً للشيعة كما في الرابط:https://mohammedallawi.com/2016/01/17

هذا هو ألإسلام الحق، ولكن لا يفقهه هؤلاء الطائفيون، الذين يفجرون البيوت ويذبحون الأبرياء، فلن تقوم لنا قائمة ما دامت هذه المفاهيم الجاهلية هي الطاغية وللأسف الشديد بإسم الإسلام، لا بد أن يتعرى من يفسد بإسم الإسلام ومن يسرق بإسم الإسلام ومن يفجر ويذبح بإسم الإسلام، للأسف معاناتنا ألأولى اليوم في عالمنا الإسلامي من هؤلاء المنحرفين، ولكن إن كان للباطل جولة فإنه زاهق والحق يعلو ولا يعلى عليه ويقيناً فإن الحق هو الذي سيعم  نهاية المطاف.