كيف السبيل لتوفير فرص عمل حقيقية للكثير من الشباب العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات ومن تاركي الدراسة بسبب اضطرارهم؟ (النهوض بشريحة الشباب – الحلقة الاولى)؛

صورة جديدة للطلبة

( النهوض بشريحة الشباب – الحلقة الاولى )

هل حقاً يمكن توفير فرص عمل لأكثر من ثلاثة ملايين شاب عاطل عن العمل في يومنا الحالي في العراق ؟؟؟؟

لقد قدمت دراسة متكاملة بهذا الشأن تحت عنوان (وضع سياسة جديدة بهدف القضاء على البطالة) عندما كنت وزيراً للاتصالات في بداية عام 2011 إلى رئيس الوزراء السيد نوري المالكي وإلى الكثير من لجان مجلس النواب وبالذات الدكتور حيدر العبادي الذي كان رئيساً للجنة الاقتصاد والاستثمار في ذلك الوقت وإلى الامانة العامة لمجلس الوزراء وإلى جميع المحافظين ورؤساء مجالس المحافظات لجميع المحافظات العراقية؛ وأقولها للإنصاف ان السيد المالكي اهتم بهذه الدراسة في وقتها وارسلها إلى هيئة المستشارين لدراستها وإبداء رأيهم، وتلقيت عدة ردود وتعليقات من عدة اطراف، ولكن للأسف الشديد بقيت هذه الدراسة والتعليقات والردود حبراً على ورق ولم ينفذ منها إلا النزر اليسير من قبل البنك المركزي في توفير القروض للقطاع الصناعي والزراعي ولكن دون منهج او برنامج متكامل كما كان مذكوراً في الدراسة. واضطررت ان اطرح مختصراً عن هذه الدراسة في الاعلام في بداية عام 2016 تحت عنوان (جيل الشباب نحو الضياع…..أو؟؟؟)؛ وانا الآن اعيد ذكر العناصر المهمة لتلك الدراسة لعل اصحاب الشأن يأخذوا بها الآن او بعد الانتخابات للنهوض بالبلد كما يجب ان يكون وكما يستحق.

وقبل طرح هذه الدراسة نتساءل عن إجمالي الناتج المحلي للفرد في العراق والبالغ بحدود (2700) دولار من غير النفط في السنة، أما في دولة مثل تركيا التي لا تختلف عن العراق إلا في منتجعاتها السياحية فإجمالي الناتج المحلي للفرد يبلغ حوالي (10،800) دولار في السنة، وإنتاج المواطن التركي من الزراعة والصناعة وباقي الفعاليات من دون السياحة يبلغ حوالي(9,600) دولار في السنة، خلاصة الأمر أن المواطن العراقي غير منتج، ومن دون النفط يمكن أن ينهار الاقتصاد بالكامل وهذا ما يحذر منه بشكل كبير خلال اقل من عقد من الزمان، ونتساءل هنا هل يمكن ان يبلغ الناتج المحلي للفرد العراقي بمقدار الناتج المحلي للفرد التركي، الجواب بالتأكيد: نعم؛  ولكن من هو المسؤول عن هذا الواقع المتردي الآن في العراق، هل المواطن نفسه ؟ الجواب: كلا؛ المسؤول الأول والأخير هي الحكومة المسؤولة عن وضع ورسم السياسات الاقتصادية للبلد، لا أقول (أن سياساتنا الاقتصادية غير صحيحة) بل التعريف الصحيح (إننا لا نمتلك سياسة اقتصادية) بسبب إن الكثير من المتصديين من الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 حتى يومنا هذا هم أناس إما جهلة، أو إن همهم الأساس هو مصالحهم الخاصة والفساد ولا اهتمام لهم بمصالح الشعب أو مصلحة المواطن الشريف الذي لا يقبل أن يفسد أو أن يغترف من أموال الحرام.

إن السياسة الاقتصادية التي يجب تبنيها لتغيير الوضع ذات أربعة محاور:

المحور الأول: توجيه الشباب وبالذات خريجي الجامعات للعمل للاستثمار في مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

المحور الثاني: توجيه الشباب من غير خريجي الجامعات للعمل الحر الخاص.

المحور الثالث: إقامة مشاريع ضخمة كقطاع مختلط في مختلف القطاعات (الصناعية, الزراعية, السياحية و الخدمية الأخرى).

المحور الرابع: توجيه الشباب للعمل على مستوى شركات و مؤسسات القطاع العام القائمة بعد إعادة هيكليتها وتحوليها إلى شركات ومؤسسات رابحة ومنتجة.

المحور الأول: توجيه الشباب و بالذات خريجي الجامعات للعمل للاستثمار في مجال المشاريع الصغيرة و المتوسطة.

يحتاج هذا الامر إلى توفير ثلاثة عناصر أساسية، الأول (هيئة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة) والثاني مراكز التدريب والثالث مصرف الاستثمار، وسنتناول أدناه كل من هذه العناصر الثلاث:

  1. تشكيل هيئة المشاريع الصغيرة والمتوسطة؛ حيث تتولى هذه الهيئة عمل دراسات جدوى للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، كالمشاريع الزراعية وتربية الحيوانات والألبان والمشاريع الصناعية المختلفة والمشاريع السياحية والمشاريع الخدمية الأخرى. إبتداءً لا يجوز أن يشرف على هذه الهيئة أشخاص يتم تعيينهم لمجرد التعيين فتغدوا كالهيئات الحالية التي يشرف عليها أناس أكثرهم من الجهلة والمفسدين ويتحولوا إلى عبئ على ميزانية الدولة، ولكن يجب اختيار أناس كفوئين حتى لو تطلب الأمر جلب كوادر غير عراقية ممن يستطيعوا أن يحققوا الأهداف المطلوبة من إنشاء مثل هذه الهيئة ..
  2. إنشاء مراكز للتدريب في كافة المحافظات وبالتنسيق مع كافة الجامعات ويخصص هذا التدريب لخريجي الجامعات لفترة لا تقل عن ستة اشهر ولا تزيد على سنة، حيث يدرب الطلاب عن عمل دراسات الجدوى للمشاريع المختلفة سواء الصناعية او السياحية او الزراعية او الخدمية الاخرى، ويدرب الطلاب على العناصر الواجب توفرها لإنجاح المشروع ومكان انشائه وكلفته والارباح المتوقعة، وطرح نماذج حية لمشاريع قائمة ناجحة ومشاريع فاشلة، مع التعريف بأسباب النجاح وأسباب الفشل. نجاح هذه المراكز التدريبية يعتمد بشكل كبير على المدربين، حيث إبتداءً يجب جلب أناس أكفاء ولديهم خبرة في إنشاء المشاريع المختلفة، وبالتأكيد ستكون هناك حاجة في البداية لجلب أشخاص من خارج العراق، كما يجب إنشاء معاهد لتدريب المدربين حتى يتولى كادر عراقي بعد بضع سنوات من إدارة هذه المراكز.
  3. مصرف الاستثمار، إما أن يتم تأسيس مصرف جديد، أو اعتماد أحد المصارف الحكومية القائمة كالرافدين او الرشيد، أو المصارف المتخصصة كالصناعي أو الزراعي أو الإسكان أو غيرها، المهم إيداع مبلغ بين المليار إلى ثلاثة مليارات دولار من فبل الحكومة في حساب خاص لمثل هذه المشاريع في كل سنة.

– تتعاون الهيئة ومراكز التدريب مع الطلاب بعد إكمال الدورة لتشكيل مجموعات متفاهمة فيما بينها لأنشاء المشاريع المختلفة، وتتكون المجموعة من طالبين او أكثر.

– تتولى الهيئة ومركز التدريب التنسيق مع المصرف المحدد لهذه الغاية لتوفير قروض ميسرة اعتماداً على ضمانة الهيئة، واذا زادت كلفة المشروع عن مقدار معين من المال يمكن أن تطلب ضمانة اخرى ككفالة عقارية او غيرها، ويتم التنسيق بين هذه الهيئة والهيئة الوطنية للاستثمار بشأن مثل تلك المشاريع.

– تبقى الهيئة بالتنسيق مع مركز التدريب حاضنة للمشروع المزمع انشاؤه لفترة لا تقل عن سنة حتى يتمكن من النهوض والنجاح اعتماداً على الاشخاص المؤسسين كما تتولى الهيئة تذليل كافة العقبات التي تواجه مثل هذه المشاريع وتقديم التوصيات للوزارات ومجلس الوزراء ومجلس النواب لإصدار التعليمات والتشريعات والقوانين التي تسهل تحقيق مثل تلك المشاريع وتحقيق الربح المتوخى .

– ليس بالضرورة ان يقتصر مركز التدريب على قبول خريجي الجامعات ، بل يمكن قبول خريجي المعاهد بل حتى الطلاب ذوي التحصيل العلمي الضئيل من خريجي المدارس المتوسطة اوالابتدائية حيث هناك بعض المشاريع التي لا تحتاج الى تحصيل علمي كبير ، ويمكن ايضاً توفير التدريب حتى لموظفي الدولة الذين يرومون انشاء المشاريع الخاصة والمتقاعدين والعمل ضمن مجموعات ، حيث إذا أريد للبلد ان يكتفي زراعياً وصناعياً واتخذت ومثل هذه المشاريع الصغيرة والمتوسطة ستلقى رواجاً واسعاً ونجاحاً كبيراً، وسيزداد إنتاج الفرد العراقي، وتتوقف عملية استيراد الكثير من البضائع المصنعة والمحاصيل الزراعية، بل يتحول البلد إلى مصدر لهذه المنتجات .

– يجب تخصيص مالا يقل عن مليار دولار سنوياً من الميزانية للمصرف المزمع انشاؤه لمثل هذه المشاريع ويتم زيادة المبلغ إلى حوالي ثلاث مليارات دولار في السنة اعتماداً على الحاجة والمشاريع المطلوب انشائها.

وإذا استعملنا لغة الارقام وافترضنا جدلاً إن معدل كلفة المشروع الواحد بحدود 150 ألف دولار (معدل كلفة انشاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مبادرة رواد النيل في مصر حوالي 86 الف دولار)، وإن مثل هذا المشروع يمكن ان يستوعب عشرة إلى عشرين عامل، فمعنى ذلك إنه يمكن إنشاء حوالي عشرين الف مشروع بمقدار ثلاث مليارات دولار، وذلك يعني إمكانية تشغيل حوالي مئتي ألف إلى اربعمئة ألف شاب في السنة، وبذلك يمكن امتصاص كامل الزيادة السنوية للقوى العاملة من الشباب.

لو تم الأخذ بهذه التوصيات وطبقت منذ عام ٢٠١١ فضلاً عن التوصيات اللاحقة حيث كانت الموازنة الانفجارية لما كانت هنالك بطالة اليوم ولأمكن زيادة إجمالي الناتج المحلي للفرد العراقي (GDP) بشكل كبير بحيث يمكن امتصاص الآثار السلبية لانخفاض أسعار النفط في يومنا الحالي ……

(بقية المحاور في الحلقات القادمة على المواقع ادناه)

يمكن الاطلاع على محاضرة مع الحلول الواقعية والممكنة التنفيذ بكل سهولة بهذا الشأن على الرابط :
https://mohammedallawi.com/2018/04/27

كما يمكن الاطلاع ادناه على الروابط على هذه الدراسة على  الحلقات الخمسة الاخرى بشكل تفصيلي :

(النهوض بشريحة الشباب – الحلقة الثانية)

https://mohammedallawi.com/2018/01/15/

(النهوض بشريحة الشباب – الحلقة الثالثة)

https://mohammedallawi.com/2018/01/10/

(النهوض بشريحة الشباب – الحلقة الرابعة)

https://mohammedallawi.com/2018/01/05/

(النهوض بشريحة الشباب – الحلقة الخامسة)

https://mohammedallawi.com/2018/01/01/

(النهوض بشريحة الشباب – الحلقة السادسة)

https://mohammedallawi.com/2017/12/25/

9 thoughts on “كيف السبيل لتوفير فرص عمل حقيقية للكثير من الشباب العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات ومن تاركي الدراسة بسبب اضطرارهم؟ (النهوض بشريحة الشباب – الحلقة الاولى)؛

  1. كلام نظري للأسف ، مشكلة العمل المنتج في العراق سواء كان صناعي او زراعي او حتى خدمي هو ارتفاع التكلفة للسلعة المحلية عن المستوردة والسبب باءختصار هو سياسة مزاد العملة اليومي للبنك المركزي العراقي الذي يبيع للمستوردين دولار رخيص .

  2. فكرة رائعة لو طبقت بصورة صحيحة على ان يراعى ما يلي :اولاً..ان لاتتحول الجهة المشرفة الى دائرة روتينية تضع العراقيل امام االراغبين بتاسيس المشاريع المذكرة ..ثنياً: تقوم هذه الهيآة بتبني دراسات فعلية وعملية للمشروع وليست نظرية فقط ويا ريت تؤسس نماذج لتلك المشاريع لاقناع القادميت على تنفيذها بنجاح مشريعهم من خلال الأطلاع عليها عملياً..ثالثاً: عدم وضع شروط تعجيزية على القروض يضطر المتقدم الى العزوف عنهالصعوبة من تنفيذهالاقدام عليها كالعقارات ذات الاتمان العالية او يكون مبلغ الكفلة عالي لايتمكن المتقدم من تنفيذه واقتر تبني نقس المصرف استيراد ما يحتاجه المشروع من مكائن وتجهيزات بعدان يقدم صاحب المشروع دراسته عن المشروع وما يحتاجه من تجهيزات وهذه الحالة تضمن عدم السماح للمتقدمين باستغلال المال في اتجاهات أخرى وضما تنفيذ المشروع وهناك الكثير من الضوابط التي تساعد على نجاح هكذا مشاريع..

    • اخوتي الاعزاء .. اقولها شهادةً عن علم ودراية امام الله وامام الناس ، بأن هذا الرجل: صادق وأمين وملتزم بمبادئه وكلامه وهو خبير اقتصادي ميداني ، يعي ما يقول بدون تنظير .
      السؤال : هل تنمو البذور الصالحة في البيئة السيئة؟

  3. هناك أيادي تعمل على وبحرص كبير ان يبقى البلد حبيس الفوضى الخلاقة المتجددة المستمرة… فوضى تتركز بتجذير المشاكل ا لاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية.. كل شيئ فوضى ولهذا لن تقوم لنا قائمة

  4. يمكن الاستفادة من تجربة الدول المجاورة (على الأقل) ودور تلك الدول في خلق المشاريع مثل إيران وتركيا.
    مع العلم أن الحكومة لديها بدايات خجولة في هذا الموضوع (القروض )لكن سوء المتابعة والفساد أفشل تلك المشاريع.
    رفع قيمة الكمرك لدفع الإنتاج المحلي مع متابعة صارمة خطوه مهمة للنجاح.

  5. احسنت استاد لو كانت هذه النضريه اخذت بعين الاعتبار وتم العمل بها لانخفض عدد اابطاله في هذه الاعوام. ولكن الفساد انتشر في جميع دوائر الدوله. لانقول سوى حسبي الله ونعم الوكيل

  6. بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله و بركاته تحية و احترام.
    قال رسول الله الله (ص) : الدال على الخير كفاعله.
    ليعود العراق للعراقيين…
    ٢٤٠،٠٠٠ فرصة عمل سنوياً.
    أن الشعب هو المالك الحقيقي للبلد و ثرواته لكننا كعراقيين نسينا ذلك و نحتاج لتذكير، لذلك احببت طرح فكرة لعلها تكون في ميزان حسناتي وميزان حسنات من ينشرها أو يحاول تطبيقها.
    إذا قسمنا معدل تكلفة إنشاء معمل معين على عدد العمال يكون الناتج تقريبا $10,000، فإذا ساهم كل عراقي بمبلغ $5 شهريا تكون له سهما نكون قد طرحنا ربع مليون فرصة عمل سنويا.
    40,000,000 نسمة ×$5 شهريا ×12 شهر /$10,000 للوظيفة = 240.000 وظيفة سنويا.
    – تقسم المشاريع حسب الكثافة السكانية ويكون الإنشاء و الإدارة و اختيار العمال منوطا برئاسات الجامعات كل في محافظته.
    – تكون اجرة العمال نسبة من الأرباح.
    – يتم تصريف الإنتاج بدل الأجرة للعمال و بسعر السوق لتختفي مشكلة التصريف.
    – بعد ٢٠ سنة يطوب كل مشروع فعال مناصفة بين العمال و الملاك، وذلك لكي يحافظ العمال على المشروع.
    – يكون العمال مالكين لمشروعهم تحديدا.
    – يكون الملاك (الشعب) مالكاً لكل المشاريع وذلك ليشعر بالانتماء اقتصاديا للوطن كله.
    – 2.4 مليار هي التكلفة السنوية والتي لن يعطيها الشعب بسسب الشك و ان الدولة قادرة على منحها لسنة واحدة لفتح قناة الاتصال التي سدت بينها و بين الشعب.
    – يمكن للدولة الاستمرار في دفع ذلك المبلغ لاحقا وذلك لزيادة فرص العمل فهي ارخص من توظيفهم في مؤسسات الدولة.
    – تمنح البلدية أراضي المشاريع دون مقابل.
    – تكون المشاريع معفية من الضرائب و الرسوم وما شابه ذلك.
    – تكون المشاريع صغيرة أو متوسطة لاستيعاب اكبر قدر من الموظفين بمعدل $10,000 للوظيفة الواحدة.
    – اعفاء المشاريع أو المتعثر منها من اجور الكهرباء.
    مسلم عراقي كردي.

اترك رد