التعامل الكردي العربي بين الواقع والطموح

صورة العلاقات العربية الكردية

 

(لقد نقلت موضوعاً عن الأخ لؤي الخطيب بشأن اجراءات البنك المركزي تجاه كردستان فجاءتني تعليقات كثيرة ومتباينة، ولذا فإني اوجه تعليقي للمتشنجين من الفريقين الكرد والعرب)

 يجب على العراقي العربي ان يضع نفسه في موقع الكردي العراقي، كما يجب على الكردي العراقي ان يضع نفسه في موضع العراقي العربي؛ النزعة الكردية الانفصالية برزت بعد الحرب العامة الاولى حيث طغت الانفاس القومية على غيرها من التوجهات في كافة بقاع الارض، وبرزت مشاعر القومية العربية بأعمق اشكالها حتى قبل الحرب العالمية الاولى ، مشكلة المشاعر القومية انها لا تتبنى مبادئ ولا تحمل فكر ومنهج فيستطيع الحاكم ان يؤججها من دون ان يحقق العدل والخير والنفع والإنصاف لأبناء قوميته؛ واكبر دليل على ذلك هو ما فعله هتلر بألمانيا، لقد كان هتلر يحب ابناء قومه ويحب المانيا، ولكن لا يكفي الحب من دون قيم ومبادئ عادلة ومنصفة، لقد اجج هتلر مشاعر القومية الالمانية وقاتل العالم لإعلاء شأن المانيا والقومية الالمانية، وفي النهاية دمرت المانيا خلال الحرب العالمية الثانية بسبب إفتقاده لمبدأ العدالة على مستوى الانسان وبسبب طموحاته الشخصية في الحكم على حساب مصلحة بلده، فالفكر القومي لا يحمل او يتبنى اي قيم او مبادئ او منهج للحكم.

يمكننا القول إن العرب قد نضجوا في مرحلة اكثر تقدماً في تعاملهم مع المشاعر القومية بسبب ما مروا به من تجارب ومعاناة، فعندما خسر عبد الناصر حربه في اليمن وخسر حرب ٦٧، وعندما اُستُعبِد الناس في زمن النظام القومي العربي البعثي في العراق وسوريا، وكفر الناس بالقومية العربية، لأن البعث في العراق حكم باسم القومية، ودُمِر العراق خلال فترة الحكم القومي البعثي. لقد نضجت اوربا وعرفت مخاطر الشعارات القومية الشوفينية خلال الحرب العالمية الثانية، لذلك تركت اوربا اعادة رسم الحدود بينها على اسس قومية، بل توحدت اوربا اليوم بقومياتها المختلفة، لقد تنقلت بالسيارة بين مختلف الدول الاوربية، فعندما ادخل من فرنسا الى بلجيكا لا أرى نقاط حدود ولكن يستمر نفس الشارع ويقرأ السائق قطعة على جانب الطريق تقول له إنك دخلت بلجيكا فعليك الالتزام بالسرعة القصوى حسب القانون البلجيكي وليس الفرنسي.

لا تعتبوا على الكرد فانهم يعيشون فترة  الشعارات القومية كما كان يعيشها الجيل العربي السابق خلال فترة العدوان الثلاثي على مصر عام ١٩٥٦، ولو كان مقدراً لدولة مهاباد الكردية ان تبقى منذ اربعينات القرن الماضي لعل الكرد وجدوا أنفسهم يكفرون بالقومية الكردية، لأنه لا يوجد للقومية مبادئ وقيم ومناهج، فلا يوجد ما يمنع تلك الدولة من ان تحكم من قبل نظام دكتاتوري ظالم في ذلك الوقت او بعده يفعل بهم ما فعله صدام بالعراق، فالمفاهيم والقيم الديمقراطية بشكل عام كانت ولا زالت مفقودة في عقلية اغلب القاطنين في دول المنطقة، وقد نحتاج عدة عقود من الزمن لإنضاج  هذه القيم والمفاهيم والمرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتقييمنا للإنسان واحترامه واحترام خصوصياته وفكره وحرياته الشخصية، ولا زالت للأسف الشديد هذه القيم مفقودة في العراق بجزئيه العربي والكردي.

لا أستطيع ان اعتب على الكرد في تطلعاتهم القومية التي ناضلوا وبذلوا من اجلها الكثير، وعمليات الانفال ومجزرة حلبجة شاهدة على مواجهة تطلعاتهم القومية من قبل نظام قومي عربي يعطي لنفسه الحق رفع الشعار القومي العربي ويمنع المقابل من رفع شعار قوميته بشكل مماثل.

لذلك فإني اختلف مع بعض المعلقين الذين يقولون يجب معاقبة الشعب الكردي العراقي بسبب مشاركته في الاستفتاء.

من المعلوم إن حق تقرير المصير هو حق طبيعي أقرته الشرائع الدولية ولكني قد اختلف مع الكرد في دعوتهم لإنشاء كيان دولة كردية مستقلة في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ المنطقة، لان هناك مخططاً اسرائيلياً لتقسيم المنطقة الى دويلات قائمة على اسس طائفية وعرقية ومتصارعة فيما بينها، والذي يؤكد هذه الحقيقة انه لا توجد دولة ايدت قيام الدولة الكردية غير إسرائيل، هل كان هذا التأييد حباً بالكرد؟ الجواب: كلا، بل هذا التأييد هو بهدف إنشاء دولة كردية تدخل في صراع وحروب مع العراق العربي ومع إيران ومع تركيا ومع سوريا لتحقيق الاهداف الاسرائيلية في ايجاد بؤر توتر ونزاع ضمن دول المنطقة كمقدمة لتقسيم المنطقة وبالتالي تحقيق هدفهم البعيد وهو احاطة اسرائيل بدويلات قائمة على اسس طائفية وعرقية.

لقد عرف الساسة الكرد انهم اخطؤا في حساباتهم بشأن الاستفتاء وقد ندموا على فعلهم؛ إن أكبر خطأ يرتكبه العرب هو ابداء مشاعر التشفي من الشعب الكردي في الاحداث الاخيرة. يجب ان نكون بموقع المسؤولية وأن نمد ايدينا إلى الشعب الكردي، فخلافنا ليس معهم، بل مع من اجج فيهم المشاعر القومية الشوفينية فاوصلوهم الى هذا الحال، فيمكن مواجهة مخططات هؤلاء، ولكن ليس الشعب الكردي؛ إن عاملنا الكرد كشعب معاملةً سيئة فسيزدادوا ابتعاداً عنا وسيزدادوا تمسكاً بمن يثير فيهم النزعات القومية الشوفينية، وسنكون عوناً لإسرائيل في تحقيق ما يبتغوه من تعميق الصراعات بين ابناء ودول المنطقة.

يجب ان يكون منهجنا هو منهج رسول الله (ص) في دفع السيئة بالحسنة، حينما دخل فاتحاً إلى مكة فأمر علياً (ع) ان يرفع شعار ( اليوم يوم المرحمة، اليوم تجزى الحرمة )، هذا كان مع اعدائه المشركين فكيف نحن والكرد ابناء بلد واحد ولنا تاريخ مشترك واحد، عانينا كلنا من ظلم صدام، واحتضننا الكرد في مناطقهم فترة نضالنا ضد إجرام صدام، ولا يمكنني ان انسى هذه المواقف الاخوية في تلك الفترات العصيبة من تاريخ العراق،  يجب ان نمد ايدينا إلى الكرد وإن أخطأ البعض في تصرفاتهم ومعاملتهم للعرب وتأييدهم لإسرائيل التي ارادت إستغلالهم لمآربها، وتخلت عنهم؛ فهم اخوتنا ونحن ابناء بلد واحد، ومستقبلنا واحد؛ وإن كان إجراء البنك المركزي يضر بالمواطن الكردي فإني اضم صوتي إلى صوت اخي لؤي الخطيب في ايقاف هذا الإجراء. لنعيش اخوةً متحابين ابناء وطن واحد…….

محمد توفيق علاوي

 

3 thoughts on “التعامل الكردي العربي بين الواقع والطموح

  1. ( وحتى لاتصبحون على ما فعلتم نادمين )
    ………………………………………………………………………………..
    عليــــكم بألابتعـــــاد عـــــن
    التقليل من شأن الكرد كأمه
    عبدالله عباس
    في تحليل كتبنا عن توجه القيادة الكردية نحو إلاستفتاء وبعنوان ( كلا لماذا و نعم متى ) :
    ( ربما يتذكر بعض الاخوه الذين كنا نعمل سوياً في الاعلام المركزي في بغداد منذ اواسط الستينات من القرن الماضي وعندما كنا نناقش التوجهات الاعلامية والثقافية تجاه الكرد نقول لهم : سياتي يوم تندمون على اهمالكم مشاعر الكرد القوميه المشروعه وكلما استمر هذا الاهمال تتسع المنافذ التي يدخل من خلاله كل طامع بالعراق الموحد، ونضيف: عقدة العقد مع الاسف في التعامل مع الكرد المشارك صاحب الحق في هذه الشراكه ، انه مع مسيرة العالم باتجاه التطور نحو الايجابية، فان اصحاب السلطه هنا يتراجع نحو الخلف .)
    وكنا نتوقع ان تكون السلطة الحالية ‘ رغم غرابة تكوينها على اساس المحاصصة ( طبعا في كل شيء .. وظهر ان السيء في المقدمة هو وراثة التعصب القبلي والطائفي و المناطقي ) ولكن لانه اخذ مشاركة دستورية للكرد في بناء العراق ( هم يقولون انه جديد ) بنظر الاعتبار ‘ لذلك كنا نتوقع عدم تكرار اي كلمة ( رسمية على الاقل ) تجرح شعور القوميه الكرديه ‘ ولكن وبعد اجراء الاستفتاء مباشرة سمعنا ( شمال الوطن العزيز …!!) بدل اقليم كردستان المعترف به دستورياً و سمعنا ( رجل قانون وقور يقول في لقاء تلفزيوني مانصه : ماذا يريد الكرد منا ‘ ان مقاولينهم حصلوا على تنفيذ مشاريع البناء حتى في البصرة …!!! ) وسمعنا رجل معمم ( معروف انه معمم متنور ) يكتب اعلان الحرب ضد الكرد و يعلن تطوعه وحمل السلاح للالقاء القبض على القادة الكرد رغم انه في يوم من الايام رفض دخول خدمة علم العراق ‘ رغم انه عندما كان في السليمانية وفي مجلس حضره مجموعة كبيرة من رجال الدين والسياسين الكرد قبل ان ينهزم في الانتخابات النيابية اعلن انه يكون اول من يعترف بانفصال الكرد واعلان دولته المستقلة …!! وسمعنا ( رئيس احد المنظمات العرقية يعلن على رؤوس الاشهاد منع اي كردي المشاركة في اي دائره من الدوائر الامنية في العراق عموما و كركوك على وجه الخصوص …!!
    قرأت في احدى التحليلات السياسية كتب عن اجتماع عقد في بيروت نهاية السبعينات من القرن الماضي حول مستقبل القومية العربية ‘ قيل كلام عن ( احلام كثيره وكبيرة ) حول مستقبل الامة و وحدتها المنشودة ‘ ولاحظ احد المشاركين ( لا أذكر اسمه ولكني واثق أنه من اسرة ارسلان العريقة في لبنان و كان في حينه وزيرا ) ان المجتمعين والحالمين بوحدة العرب تحدثوا عن كل شيء ولكنهم نسوا التطرق ولو بأشارة عابرة ان في البلدان العربية وحسب ( التقسيم الاستعماري ) يوجد اقوام واعراق اندمج ارضهم ووجودهم بالبلدان العربية ‘ لم يتطرق المجتمعين ماذا يكون مصيرهم في دولة الوحدة القومية ذات اللون الواحد ‘ ففاجائهم بسؤال غريب وهو ( وإذا أتاكم البارزني …؟! ) فتعجب المجتمعون من السؤال الى ان وضح الكلام قائلاً : ( هل نسيتم ان هذا الوطن الواحد الذي تحلمون به موحدا بعد ان قسموه حلفاءكم لاسقاط الامبراطورية العثمانية الى اقطار ودويلات بعضها لايتجاوز نفوس سكانه ساكني مدينة بيروت ‘ الحق ببعضهم اقوام واعراق غير عربية ‘ وفرض عليهم بيئة عربية ‘ وهم يحلمون كما تحلمون بوحدتكم ان يكون لهم حقوقهم القومية والعرقية وها ترون ان في العراق يقود البارزاني حركة مسلحة من اجل ذلك وكذلك في جنوب السودان عقيد كرنك وفي الدول العربية في شمال افريقا امازيغ ‘ كيف تحلمون بوحدتكم وتنسون اصحاب الاحلام الشرعية مثلكم و يعيشون معكم …(1 )
    الاتستغربون ايها السادة ‘ أن فشل تصرف ( جهة سياسية واحده في اقليم كردستان – العراق ) في خطوه سياسية ( مشروعة في مضمونها وهدفها باعتراف العالم و كانت توجه لاجرائها خطأ في التوقيت الزمني والاحداث التي تمر بها المنطقة ) ان يدفع بعض ( السطحيين في المواقع السياسية وحتى الرسمية يسمح لنفسه ) أن يستهزء بالتاريخ والشجاعة والمشاركة التاريخية لقومية قدم أكثر من ( ألفين شهيد ) لمحاربة داعش واستقبل وحافظ على اكثر من مليون نازح ضحايا حربكم الطائفيه القذره انتم اشعلتم نارها وابعد الكرد نفسه عن التلوث بالطائفية المقيتة واحتضن ضحاياها ‘ تدفعكم تلك العملية الى منع تداول اسم وطن كوردستان الى شمال الوطن .
    احد ( العباقرة ) يكتب ويقول : ( عندما تقرأ التاريخ القديم والحديث للعراق ترى لاوجود لقوم اسمه الكرد عاش على هذا الارض ) ؟؟!!
    أن القومية الكردية ‘ ستصبح لها دولة في يوم من الايام ومهما طال الزمن ‘ وسيكون دولتها جار للعرب ‘ وهي اصدق ممن اعتنق رسالة الاسلام بل اصدق من رفع رايتها و حفظ ثقافتها بعيدا عن الصراع الطائفي مؤمنا بروح الرسالة وليس لتوزيع غنائم الرسالة ‘ في حياة الشعوب ‘ هناك دائما وكمنطق الحق والواقع ‘ كل شيء يسير الى الامام ‘ فلماذا هنا بعضكم تعودون دائما الى الخلف معتمدين على التعصب الاعمى ؟
    منذ عشرات السنين ندعوكم اكسبوا دعم الكرد من خلال معاونته لتحقيق حلمه بطريقة مشروعة وحتى على مراحل ‘ وفي تحليل كتبناه عن حق تقرير مصير الكرد بعنوان ( انفصال الكرد بين الاختيار والاجبار) نشر هنا ايضا ‘ قلنا : أن أحد مستلزمات نصر الكفاح العربي للوحدة وتحرير فلسطين هو ان تتبنى الحركة القومية العربية حق تقرير مصير القومية الكردية وليس اعتبار هذا الحق انتقاص من القومية العربية ‘ ولاتفتحوا بتعصبكم الاعمى منفذ لاحفاد ( تيودور هرتزل ) ان يبعدكم انتم قبل الكرد عن احلامكم المشروعة وبعدذلك ‘ يضحكون هؤلاء الاشرار عليكم ‘ كما يفرحون بانتكاساتكم المتتالية ‘ و بالتالي فقط انتم ترون انفسكم ( تصبحوا على ما فعلتم نادمين ) .
    ………………………………………………………………..
    ( 1 ) في اواسط الثمانينات القرن الماضي عقد مركز الدراسات القومية في بيروت الذي كان باشراف خيرالدين حسيب عقد حلقة دراسية عن مصير الوحدة العربية ‘ عن طريق مجلتهم ( دراسات العربية ) قراءة حول اعمال الحلقة ‘ لم اجد اي فقرة منها يطرق الى مصير او كيفية التعامل مع الاعراق غير العربية الحق مصيرهم ( ألارض والتراث والانسان ) بالدول العربية ‘ فكتبت مقال في شكل رسالة موجه للمركز ‘ للتأريخ كان الشاعر الكبير الاستاذ حميد سعيد رئيس تحرير جريدة الثورة ‘ نشره في الصفحة الثالثة فكانت محتوى الرسالة تتضمن نفس الافكار الذي طرحه الوزير اللبناني امام مؤتمر القومي في بيروت .

  2. كردستان لها حدودها المعروفة لكن القيادة الكردية رسمت حدودا بناء على أطماع توسعية حيث ما وجد كرد فهي أرض كردية وهذه حماقة ما بعدها حماقة انهم يريدون أن تكون شعاراتهم مثل شعارات إسرائيل الكبرى فإذا بقوا بهذه العقلية لن يتعاطف معهم اي عراقي او عربي سوى أعداء العرب والإسلام.
    سلمان محسن الوائلي

اترك رد