حوار مع صحيفة البينة الجديدة

وزير الإتصالات السابق محمد توفيق علاوي في حوار مطول مع (البينة الجديدة )

uyyfu

بحكم وجودي في وزارة الإتصالات لدورتين صرت أعرف الوجوه الفاسدة فحاولت استئصالها و لكن ..

توجّهات المجتمع إسلامية وأنا واحد منهم لكن الإنتخابات المقبلة ستشهد تغيرات كبيرة

مشاركة إنكلترا في المؤتمرات الطبية العالمية تتم عبر طبيب عراقي يمثلها .. وحين يأتون للعراق لا نوافر لهم الحماية

في العام 2003 واجهت بريطانيا مشكلة تمثلت بالخوف من هجرة خمسة آلاف طبيب عراقي إلى بلدهم

إقتراض العراق للاموال من ثلاث شركات عالمية فيه خطر
كبير سيغرق البلد بالديون
اذا بقي
العراق على المسار نفسه الذي يسير عليه الان فسيكون الوضع اسوأ

حاوراه : عدنان ابراهيم وحسين رزاق
الــــجزء1
سياسي عراقي ولد في بغداد .. في العام 1977 وفيما كان يعد العدة للتخرج من كلية الهندسة المعمارية بدأت السلطات بحملة اعتقالات و مطاردات للسياسيين فما كان منه الا التخفي عن اعين الدكتاتورية ومن ثم السفر الى لبنان وهناك اكمل دراسته في الهندسة المعمارية في الجامعة الامريكية بلبنان، لكن تطلب الامر ثلاث سنوات اضافية بدل الاشهر الثلاثة حسب متطلبات الدراسة هناك، المصيبة ان لبنان هو الاخر لم يكن مستقراً فقد كان هذا البلد يعاني من ويلات الحرب الاهلية انذاك فاضطررت بالسفر الى انكلترا وهناك بدأت العمل بالتجارة عن طريق ما تركه الوالد (رحمه الله) حيث كان يملك اكبر معمل لصناعة الكيبلات والاسلاك الكهربائية في بغداد، فبدأت انا اشرف على هذا المعمل من هناك في انكلترا وتم فتح معمل اخر هناك ، في غضون ذلك كانت تربطه علاقات طيبة بالكثير من السياسيين العراقيين الذين يعيشون بالمنفى .. وبعد اجراء انتخابات 2005 كان مع القائمة (العراقية) التي يرأسها الدكتور اياد علاوي وتم اختياره لمنصب وزير الاتصالات حيث صدر تقرير امريكي في العام 2007 حول الوزارات الاكثر فساداً فلم تكن وزارة الاتصالات من بينها وهذا طبعا انجاز يسجل لوزيرها . لكنه فضل ترك العمل الوزاري والعودة الى البرلمان فبعد وفاة السيدة (عايدة عسيران) شغل مكانها .. وبعد انتخابات 2010، تم اختياره لمنصب وزير الاتصالات ايضاً لكن خلافات جددت بينه وبين رئيس مجلس الوزراء فما كان منه إلاّ ان ترك الوزارة مغادرا العراق .. وبعد تسلم رئاسة الحكومة من الدكتور العبادي عاد الى العراق، عارضاً على القضاء جميع الاوراق ووثائق برأته من التهم التي وجهت له، حيث نظر القضاء فيها وتبين انه ليس لها ما يؤكدها في الواقع وانتهى هذا الموضوع .. (البينة الجديدة) كانت بضيافة محمد توفيق علاوي عبر الحوار الآتي:

* كيف تنظرون الى قضية التسقيط السياسي السارية في الوسط السياسي العراقي ، فاذا لم توافقني الرأي فانت سبب الفساد .. ؟
– بعد تسلم منصب وزير الاتصالات وبالتحديد بعد انتخابات 2010، لاحظت تغيراً بدرجة (280) درجة في معاملة رئيس الحكومة، بعد ان كانت علاقتي به جيدة جداً فكانت محاولات تشكيل لجان ومتابعة قضايا داخل الوزارة ثم تكتشف اللجنة ان هذه القضايا مجرد ادعاءات لا صحة لها والطريف ان احدى القضايا التي رفعت ضدي هي الجمع بين وظيفتين، حدث هذا في العام 2007 اثناء وزارتي الاولى لوزارة الاتصالات فحين تركت العمل في الوزارة والتحاقي بمجلس النواب بعد يومين من تقديم الاستقالة التي لم يوقعها السيد رئيس الحكومة، فتم اعتبار الحاقي بمجلس النواب على اني جمعت بين وظيفتين فهل يعقل هذا؟! علماً اني لمدة شهرين ابتعدت عن الوزارة ولم اتسلم راتبي عن هذين الشهرين، اما كيف تم احتساب اني جمعت بين وظيفتين .. هذا ما لا اعرفه.
وبحكم وجودي في وزارة الاتصالات لدورتين اصبحت اعرف الوجوه الفاسدة وعملت على استئصالها من الوزارة واعتقدت هذا الامر من اولى اولويات العمل الصحيح لخدمة البلد، لكن هذه الحيتان التي تضررت مصالحها عدّت وجود (محمد علاوي) عقبة امام افسادهم، والحقيقة لاحظت ان الحكومة صارت تقرب هؤلاء منها رغم انهم يعملون على الضد من مصلحة البلد، ففضلت ان ابتعد عن هذا العمل حيث تركت الوزارة وتركت البلد ايضاً.
* كيف تنظر الى حظوظ القائمة (العراقية) في الانتخابات المقبلة، ولاسيما بعد خيبة امل المواطن ممن انتخبهم والتي عبر عنها عبر التظاهرات رافعاً شعارات تدل على سوء اداء الحكومة؟
– لعلي لا آتي بجديد حين اقول ان للمجتمع توجهاً اسلامياً، حيث يمثل الدين لجميع الناس حالة لا فكاك منها. وانا واحد من الناس توجهي اسلامي وانا لا اقول ان الاحزاب الاسلامية المتصدية للعملية السياسية ليس فيها من الكفوئين و النزيهين بل حتى المرجعية الدينية في النجف الاشرف كانت لا تحبذ ان ينشأ تكتل يمثل جهة او حزبا بل انها كانت تطمح الى انشاء كتلة وطنية تضم كل الطوائف والقوميات وان هؤلاء المتصدين للعملية السياسية باسم الاسلام ولدوا لدى المواطن مع الاسف صورة سلبية عن الاحزاب الاسلامية لانهم غير كفوئين. والمواطن العراقي قد صار على درجة كبيرة من الوعي وقد اصبح الان بامكانه التمييز بين الوجوه السياسية لكن هناك مشكلة اخرى سنواجها هي نزاهة الانتخابات واعتقد ان الانتخابات المقبلة ستكون على درجة من النزاهة ستخدم الناخب والبلد واتوقع ان تغييراً كبيراً بالموازين سيحدث في الانتخابات القادمة.
* العراق بلد طارد لكفاءاته .. اين تكمن المشكلة؟
اعطيك مثلاً : في بريطانيا توجد جمعية الاطباء العراقيين، ويضم هذا البلد تقريباً خمسة الاف طبيب عراقي وانا ابنتي طبيبة متخرجة حديثاً، اثناء تنقلها بين المستشفيات البريطانيا تكشف مابين 7 – 8 اطباء في كل مستشفى هناك، واغلبهم على درجات عالية في الكفاءة حتى ان المؤتمرات الطبية وبالتحديد عن امراض القلب فان مشاركة بريطانيا في هذه المؤتمرات وفي عام 2003 واجهت بريطانيا مشكلة اقامت من اجلها المؤتمرات والدراسات تمثلت بخوف الحكومة البريطانية من احتمالية عودة الاطباء العراقيين العاملين في هذا البلد الى بلدهم بعد حدوث التغيير السياسي الكبير انذاك حيث حذرت وزارة الصحة البريطانية حكومتها من انها ستواجه مشكلة كبيرة اذا ما عاد هؤلاء الاطباء العراقيون الى بلدهم حيث سيتركون فراغاً كبيراً في المستشفيات هناك وقد وضعوا الدراسات لملء هذا الفراغ في حالة هجرة خمسة الاف طبيب من ملاكاتهم .. وفعلاً فقد رأينا ان 90 % من هؤلاء لديهم الرغبة الحقيقية بالعودة الى بلدهم، لكنهم بدؤوا يكتشفون ان بلدهم لا يستطيع توفير الحماية لهم وكذلك لا يستطيع ترتيب سكنهم ورواتبهم وسبل عيش يليق بهم، ولا سيما وهم قادمون من بلد (هو ليس بلدهم) وافر لهم كل شيء واحتضنهم ايما احتضان، والغريب اننا نرى المريض العراقي صار يذهب الى مستشفيات الاردن مثلا وعلى يد اطباء عراقيين والمواطن ونحن نتساءل لماذا يحدث هذا، ما الذي ينقصنا لنفرط بكفاءتنا بهذا الشكل وبهذا الوقت الذي نحن بأمس الحاجة لكل كفاءة يمكن ان تسهم في بناء هذا البلد فقد كان من السهولة وفي ظل الميزانية المالية الانفجارية ان نبني مجمعات طبية تضم مستشفيات متخصصة بالامراض السرطانية وامراض القلب وتضم هذه المجمعات دور سكن للاطباء ليس المحليين فقط، وحتى يمكن ان نستقطب اولئك الذين لديهم الرغبة بخدمة بلدهم وهم كثير في كل البلدان الاوربية كما ان البعض من الاطباء العراقيين في المهجر يقول لك بانه على استعداد ان يأتي الى العراق شهراً واحداً في السنة من اجل معاينة الامراض واجراء العمليات الطبية لعدد من المرضى العراقيين وبهذا سوف نكتفي بما لدينا من اطباء ومؤسسات طبية سوف لا نضطر الى ارسال مرضانا الى خارج البلاد من اجل العلاج.
قدمت مشروعا يمكن عبره استضافة اطباء عراقيين بل حتى ان بعض الاطباء البريطانيين تطوعوا ان يأتوا الى العراق، وهم لديهم مشاريع كهذه في افريقيا مثلاً، حيث يمكن ان نستفيد من خبرات هؤلاء على اقل تقدير، وقد تم تجهيز ميزانية هذا المشروع ووافرنا كل سبل النجاح له، والتقيت النائبة آل ياسين استعداداً لبدء المشروع، لكن عراقيل – مع الاسف – وضعت في طريق هذا المشروع من اجل ان يلغى وقد كان وقع الغاء المشروع على البعض مفرحاً – مع الاسف – .
* ننتقل الى موضوع آخر، ما هي حقيقة القرض الذي يعتزم العراق استلافه من ثلاثة مصارف عالمية .. وهل سيحل هذا القرض الازمة التي يعاني منها اقتصادنا؟
– نعم، الحكومة العراقية تعتزم الاقتراض من ثلاثة مصارف عالمية هي (دويتشة بنك ، سيتي كروب ، جي بي مورغن) واتفاق لاستلاف 6 مليارات دولار وتم الاتفاق على ان تكون نسبة الفائدة 10,37 % وهي نسبة كبيرة جداً . ويأتي فرض هذه النسبة العالية من الفوائد على القرض بسبب ما يسمى (المخاطرة العالية) لهذه المصارف، نتيجة ما تعدّه هذه المصارف من ان العراق بلد غير مستقر، فضلا عن انخفاض اسعار النفط في الاسواق العالمية، وطبعاً في هذا القرض وفوائده مخاطر كبيرة، حيث سيغرق البلد بالديون فكما هو متعارف مهما بلغ الوضع الاقتصادي للبلد من سوء ، فهو اهون من الديون وهناك مبدأ اقتصادي عالمي هو ان اي مشكلة تستطيع ان تجد لها حلاً بطريقة او بأخرى لكن اخطر شيء ان يقع البلد بالديون، اذ ان الاخير سيرهن ارادة البلد وسياسته بيد المدين، ثم هنا تأمل بان يرتفع سعر النفط الى سابق عهده، وهذا غير ممكن بالمرة ولا سيما بعد استخراج النفط الصخري اذ ان اسعار النفط العالمية تخضع الى خاصية الطلب والعرض فبحسبة بسيطة ان حاجة السوق العالمية تقف عند حدود 98 مليون برميل، سترتفع هذه الحاجة الى 102 مليون فيما سيكون النفط المعروض في العام 2017 وبما فيه النفط الحجري سيصل الى 106 او 108 ملايين برميل اي ان هناك فائضا بالانتاج مع وجود هذا الفائض فلا توجد زيادة بالاسعار مطلقاً وعلى هذا الحال سيكون من الصعب الايفاء بتسديد ما علينا من ديون للشركات العالمية لذا فعلينا جميعا وقبل الاقتراض ان نفكر بمستقبل البلد ومستقبل الاجيال القادمة.
* حسب فهمنا الاقتصادي المتواضع، كنا نتوقع من البنك المركزي العراقي ان يلجأ الى اصدار عملة ذات القيمة الصغيرة، اقل من (250) دينارا مثلا ( 50 ) دينارا ( 100 )دينار لحاجة السوق العراقي لكن ما حدث هو العكس فقد قام البنك المركزي العراقي باصدار عملة كبيرة هي فئة الـ(50 ) الف دينار .. ما هو تفسيركم لهذا الموضوع؟
– كما هو معروف ان العملة كلما كبرت قيمتها ادت الى ارتفاع نسبة التضخم في البلاد وهذا بدوره ايضا يؤدي الى ارتفاع اسعار البضائع وان انعكاس ذلك على الناس هو انعكاس سلبي وان كان ليس على درجة كبيرة ولكنه بالنهاية سلبي.
* الى اين ذاهب العراق؟
– يمر العراق الان بأسوأ مرحلة تاريخية منذ 2003 . فداعش يحتل مساحة كبيرة من البلد واعداد النازحين الكبيرة، الوضع الاقتصادي السيء الذي يمر به البلد بحيث ان الحكومة غير قادرة على توفير رواتب موظفيها، والحكومة حتى اللحظة لا تملك خطة امنية، ولا خطة اقتصادية، فالمهم جداً ان يكون لدينا سياسة اقتصادية واضحة لكي تنهض بالبلد، فمصاريف الدولة ارتفعت في ظل الحاجة لمحاربة داعش وطرده من الارض التي تحتلها فيما انخفضت اسعار النفط، فاذا ابقينا الوضع كما هو الان بدون ايجاد الحلول، فسيكون الوضع صعبا جداً وسوف يتجه العراق من سيء الى اسوأ، يجب انتشال البلد مما فيه هو فيه الان وهذا الامر لا يكون الا بايجاد سياسة اقتصادية واضحة لانقاذ البلد، وايضا نحن بحاجة الى وضع سياسي للتعامل مع دول المنطقة، واستثمار التعاون مع الدول التي تريد ضرب داعش مثل روسيا وكذلك فرنسا، لكننا لا نرى اي تنسيق او تعاون من جانب الحكومة مع هذه البلدان لانها بحاجة الى سعة الافق ونوع من الفكر السياسي في كيفية التعامل مع الدول ، انا في تصوري نفتقر الى هذه الامور لذلك ليس هناك امل للخروج من هذه الازمة.

اترك رد